رسول الله! ما آنية الحوض؟ قال: والذي نفس محمد بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها، ألا في الليلة المظلمة المصحية آنية الجنة من شرب منها لم يظمأ. آخر ما عليه يشخب فيه ميزابان من الجنة، من شرب منه لم يظمأ، عرضه مثل طوله بين عُمان إلى آيلة، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل " (١).
وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - ﷺ - قال: بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طينه أو طيبه مسك أذفر (٢).
والذي يظهر لي بعد النظر في الأدلة أن الكوثر غير الحوض، فالحوض المورود حوض في الأرض للنبي - ﷺ - يوم القيامة، والكوثر نهر في الجنة يصب منه ميزابان في الأرض في هذا الحوض الذي وعد الله نبيه - ﷺ - ويرد عليه المؤمنون من أمته، وهو حوض عظيم طوله شهر وعرضه شهر، يرد عليه أهل الإيمان ومن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، وآنيته عدد نجوم السماء، وماءه من الجنة ينزل من نهر الكوثر.
يقول القرطبي في التذكرة: " ذهب صاحب قوت القلوب وغيره إلى أن الحوض يكون بعد الصراط، وذهب آخرون إلى العكس والصحيح أن للنبي - ﷺ - حوضين أحدهما في الموقف قبل الصراط والآخر داخل الجنة وكل منهما
_________
(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا وصفاته، ج ٤، ص ١٧٩٨، ح- ٢٣٠٠.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب في الحوض، ج ٥، ص ٢٤٠٦، ح- ٦٢١٠.


الصفحة التالية
Icon