أولاً: الترجيح بعبارة (أظهر):
استخدم ابن عاشور عبارة أظهر في الترجيح بين الأقوال، وقد أكثر من استخدامها في أغراض متعددة منها:
١ - في بيان القول الراجح الذي يقتضيه سياق الآية وألفاظها، ومن ذلك عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ (١) قال: " والمراد من الأبناء، قيل: أطفال اليهود، وقيل: أريد به الرجال بدليل مقابلته بالنساء، وهذا الوجه أظهر وأوفق بأحوال الأمم، إذ المظنون أن المحق والاستئصال إنما يقصد به الكبار، ولأنه على الوجه الأول تكون الآية سكتت عن الرجال إلا أن يقال: إنهم كانوا يذبحون الصغار قطعاً للنسل ويسْبون الأمهات استعباداً لهن ويبقون الرجال للخدمة حتى ينقرضوا على سبيل التدريج " (٢).
٢ - الترجيح بها عند تقديم معنى على معنى آخر، ومن ذلك ما ذكره عند قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (٣) قال: " والظاهر أن خطابه تعالى هذا للملائكة كان عند إتمام خلق آدم عند نفخ
_________
(١) سورة البقرة، الآية (٤٩).
(٢) التحرير والتنوير، ج ١ ص ٤٩٢.
(٣) سورة البقرة، الآية (٣٠).