خامساً: الترجيح بدلالة عصمة النبوة.
رجّح ابن عاشور بعض الأقوال بناءً على عصمة النبوة، ومن ذلك ماجاء عنه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ (١) قال: " وبذلك يظهر أن يوسف عليه السّلام لم يخالطه همّ بامرأة العزيز؛ لأن الله عصمه من الهمّ بالمعصية بما أراه من البرهان " (٢).
وكذلك ما جاء عنه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا‍﴾ (٣) حيث قال فيها: "والفتْن والفتون: معاملةُ يلحق منها ضُرّ واضطراب النفس في أنواع من المعاملة يعسر دفعها، من تغلب على القوة وعلى الفِكر، وتقدم في قوله تعالى: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾ (٤).
وعدي " يفتنونك " بحرف (عَن) لتضمينه معنى فعللٍ كان الفَتن لأجله، وهو ما فيه معنى (يصرفونك). والذي أوحي إليه هو القرآن.
هذا هو الوجه في تفسير الآية بما تعطيه معاني تراكيبها مع ملاحظة ما
_________
(١) سورة يوسف، الآية (٢٤).
(٢) التحرير والتنوير، ج ٦، ص ٢٥٣.
(٣) سورة الإسراء، الآية (٧٣).
(٤) سورة البقرة، الآية (١٩١).


الصفحة التالية
Icon