أهل الكتاب. وقد تصدى أبو بكر بن العربي في «الأحكام» لوهن أسانيدها وكذلك عياض في «الشفاء» والآن نريد أن ننقل مجرى الكلام إلى التسليم بوقوع ما روي من الأخبار الواهية السند لكي لا نترك في هذه الآية مهواة لأحد. ومجموع القصة من ذلك: أن النبي - ﷺ - جاء بيت زيد يسأل عنه فرأى زينب متفضلة، وقيل رفعتْ الريحُ ستار البيت فرأى النبي عليه الصلاة والسلام زينب فجأة على غير قصد فأعجبه حسنها وسبَّح اللَّه، وأن زينب علمت أنه وقعت منه موقع الاستحسان وأن زيداً علم ذلك وأنه أحب أن يطلقها ليؤثر بها مولاه النبي - ﷺ - وأنه لما أخبر النبي - ﷺ - بذلك قال له: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ (وهو يودّ طلاقها في قلبه ويعلم أنها صائرة زوجاً له). وعلى تفاوت أسانيده في الوهن أُلقي إلى الناس في القصة فانتُقل غَثه وسمينه، وتُحُمِّل خِفه ورزينه، فأخذ منه كلٌّ ما وسعه فهمُه ودينه " (١).
ومن ذلك أيضاً ردّه لتلك الروايات التي وردت في شأن يوسف عليه السلام عند قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ (٢)... ، حيث فصّل في تفسير الآية، وذكر أن الله صرف يوسف عن الهم بها، وأن الله عصمه، وذكر وجه جميل في تفسير الهم من تفسير أبي عبيدة وهو أن هذا على التقديم والتأخير؛ أي تقديم الجواب وتأخير الشرط، كأنه قال: " ولقد همّت به
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ١١، ص ٣٥ - ٣٦.
(٢) سورة يوسف، الآية ٢٤.


الصفحة التالية
Icon