الآلهة " (١).
وكذلك عند قوله تعالى: ﴿وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ﴾ (٢) أبطل عمل بعض المفسرين كالزمخشري في مقارنته بين جبريل والرسول - ﷺ -، وعاب عليه عدم النظر إلى سياق الآيات بغية التأصيل للمذهب الاعتزالي ومن قوله: " والمعنى: أن الذي تخاصمونه وتكذبونه وتصفونه بالجنون ليس بمجنون وأنكم مخالطوه وملازموه وتعلمون حقيقته فما قولكم عليه: «إنه مجنون» إلا لقصد البهتان وإساءة السمعة. فهذا موقع هذه الجملة مع ما قبلها وما بعدها، والقصد من ذلك إثبات صدق محمد - ﷺ - ولا يخطر بالبال أنها مسوقة في معرض الموازنة والمفاضلة بين جبريل ومحمد عليهما السلام والشهادة لهما بمزاياهما حتى يشم من وفرة الصفات المجراة على جبريل أنه أفضل من محمد - ﷺ - ولا أن المبالغة في أوصاف جبريل مع الاقتصاد في أوصاف محمد - ﷺ - تؤذن بتفضيل أولهما على الثاني.. ومن أسمج الكلام وأضعف الاستدلال قول صاحب «الكشاف»: " وناهيك بهذا دليلاً على جلالة مكانة جبريل عليه السلام ومباينة منزلته لمنزلة أفضل الإنس محمد - ﷺ - إذا وازنت بين الذِّكْرين وقايست بين قوله: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾ (٣)، وبين قوله: {وَمَا صَاحِبُكُمْ
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ١٥، ص ٣٥١.
(٢) سورة التكوير، الآية (٢٢).
(٣) سورة التكوير، الآية (١٩ - ٢٠).


الصفحة التالية
Icon