عليهم. وهذا كله وإن جاز فقد عينه هنا جمهور العلماء من المفسرين كما نقل ابن عطية والقرطبي وعينَّه الفخر الرازي والبيضاوي وعيَّنه المعتزلة أيضاً لأن الاستهزاء لا يليق إسناده إلى الله حقيقة لأنه فعلٌ قبيحٌ ينزه الله تعالى عنه كما في «الكشاف» وهو مبني على المتعارف بين الناس " (١).
الرد على ابن عاشور:
الأرجح في هذا كله، أن تثبت هذه الأوصاف لله تعالى كما وردت بذلك الآيات والأحاديث على ما يليق بجلاله وعظمته من غير أن يشتق له اسم أو صفة، لا يقال: ماكر ولا مخادع ولا مستهزئ تعالى الله عن ذلك (٢).
قال ابن القيم في " مدارج السالكين": " فنسبة الكيد والمكر ونحوهما إليه سبحانه من إطلاق الفعل عليه تعالى والفعل أوسع من الاسم. ولهذا أطلق الله على نفسه أفعالاً لم يتسم منها بأسماء الفاعل كأراد وشاء، وأحدث ولم يسم بالمريد والشائي والمحدث كما لم يسم نفسه بالصانع والفاعل والمتقن وغير ذلك من الأسماء التي أطلق أفعالها على نفسه، فباب الأفعال أوسع من باب الأسماء، وقد أخطأ أقبح الخطأ من اشتق له من كل فعل اسما وبلغ بأسمائه زيادة على الألف فسماه الماكر، والمخادع، والفائن، والكائد ونحو ذلك وكذلك باب الأخبار عنه بالاسم أوسع من تسميته به فإنه يخبر عنه بأنه شيئ موجود ومذكور ومعلوم ومراد ولا يسمى بذلك " (٣)
_________
(١) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٢٩٤.
(٢) المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات / محمد المغراوي، ج ١، ص ٢٩٨.
(٣) مدارج السالكين / ابن القيم، ج ٣، ص ٤١٥.


الصفحة التالية
Icon