وقال ابن القيم أيضاً في " أعلام الموقعين ": " وقد قيل إن تسمية ذلك مكراً وكيداً واستهزاءً وخداعاً من باب الاستعارة ومجاز المقابلة نحو: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ (١)، ونحو قوله: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ (٢) وقيل: وهو أصوب، بل تسمية ذلك حقيقة على بابه، فإن المكر إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة، ولكنه نوعان قبيح، وهو إيصال ذلك لمن لا يستحقه، وحسن، وهو إيصاله إلى من يستحقه عقوبة له، فالأول مذموم، والثاني ممدوح، والرب تعالى إنما يفعل من ذلك ما يحمد عليه، عدلاً منه وحكمة وهو تعالى يأخذ الظالم والفاجر من حيث لا يحتسب، لا كما يفعل الظلمة بعباده، وأما السيئة فهي فعلة مما يسوء، ولا ريب أن العقوبة تسوء صاحبها فهي سيئة له حسنة من الحكم العدل " (٣).
٤ - نفي الوصف لا يستلزم صحة الاتصاف:
قال ابن عاشور عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ (٤): " والاستحياء والحياء واحد،
_________
(١) سورة الشورى، الآية (٤٠).
(٢) سورة البقرة، الآية (١٩٤).
(٣) أعلام الموقعين / ابن القيم، ج ٣، ص ٢١٨ - ٢١٧.
(٤) سورة البقرة، الآية (٢٦).


الصفحة التالية
Icon