فإن قلت: قد شرط في امتناع صرف فعلان أن يكون فعلان فعلى، واختصاصه بالله يحظر أن يكون فعلان فعلى، فلم تمنعه الصرف؟ قلت: كما حظر ذلك أن يكون له مؤنث على فعلى، كعطشى، فقد حظر أن يكون له مؤنث على فعلانة، كندمانة، فإذن لا عبرة بامتناع التأنيث للاختصاص العارض، فوجب الرجوع إلى الأصل قبل الاختصاص، وهو القياس على نظائره. فإن قلت: ما معنى وصف الله تعالى بالرحمة؟ ومعناها العطف والحنو، ومنها الرحم؛ لانعطافها على ما فيها. قلت هو مجاز عن إنعامه على عباده؛ لأن الملك إذا عطف على رعيته ورق لهم أصابهم بمعروفه وإنعامه، كما أنه إذا أدركته الفظاظة والقسوة عنف بهم، ومنعهم خيره ومعروفه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت: ليوقفك على الخلاف فيه، ويرشدك إلى طريق استنباطه. يعني لما خصصت "الرحمن" بالله عز وجل كيف حكمه في الصرف وعدمه؟ وأجاب بأن حكمه القياس على عطشان وغرثان في امتناع الصرف، ثم قال: لم تقيسه عليهما ولا تعتبر انتفاء فعلى فتصرفه؟ فقال: لأن له معارضاً وهو عدم فعلانة للاختصاص العارض، فإذن لا عبرة بامتناع التأنيث، فالواجب حمله على الأكثر؛ لأن إلحاق الفرد بالأعم الأغلب أولى، فيمتنع الصرف.
قوله: (أصابهم بمعروفه وإنعامه)، الانتصاف: فسر الرحمة بأنها مجاز عن إنعام الله تعالى على عباده، ولك أن تفسرها بإرادة الخير، وكلا القولين منقول، منهم من جعلها من صفات الذات، ومنهم من جعلها من صفات الأفعال.
وقال في "الإنصاف": والعجب منه أنه كيف لم ينتبه على أن الزمخشري لا يمكنه أن يجعل الإرادة من صفات الذات؛ لأنه لا يثبت صفات الذات، والعجب من الزمخشري أنه إن