والاستغراق الذي يتوهمه كثير من الناس وهم منهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولقد أمر على اللئيم يسبني
أي: لئيم من اللئام وهو المراد بقوله: "من بين أجناس الأفعال" أي: الأفعال التي تنسب إلى الدواب في هذا المقام.
قوله: (والاستغراق الذي يتوهمه كثير من الناس وهم منهم)، قال صاحب "اللباب" في تفسير الفاتحة: وذلك أن اللام لا تفيد شيئاً سوى التعريف، والاسم لا يدل إلا على نفس الماهية المعبر عنها بالجنسية، فإذن لا يكون ثم استغراق.
وقلت: ما أدري كيف ذهل هذا الفاضل عن كلام صاحب "المفتاح": أن الحقيقة من حيث هي هي صالحة للتوحد والتكثر لاجتماعها مع كل واحد منهما، فإذا اجتمعت مع المفرد والجمع في المقام الخطابي حملت على الاستغراق؟ ! والحق أن الحمل على الجنس أو على الاستغراق إنما يظهر بحسب المقام، ومنشأ حكمه بالوهم هو أن الأصل: "نحمد الله حمداً"، وأنه مطابق لقوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة: ٥] كما بينا، وأن الحمد في الأصل لا تعيين فيه، وإتيان البيان لإزالة ذلك الإبهام، فالواجب في تعريف الحمد الجنس؛ لأنه نائب عن المصدر، فلو جعل للاستغراق لتعين، وهو غير مطابق للبيان.
وتمام تقريره: أن القائل لما أخبر عن نفسه أنه يصدر عنه حمد من المحامد باللسان لمن يستحق الحمد؛ فاتجه للسامع أن يسأل: كيف يحمده؟ أي: بين لي كيفية حمدك فإنها غير معلومة؛ فلابد أن تجيبه بما تلفظ به من الحمد، وهو في قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة: ٥]


الصفحة التالية
Icon