..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأنه قال: أقول: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)؛ لأن المفروض أن السؤال عن الشكر اللساني، فإذن "الحمد" إخبار من القائل عن حمد حمده لله تعالى. وحقيقه الحمد المقول (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). هذا تمام تقرير كلامه.
وبهذا ظهر: أن ليس المراد من تعريف الجنس في الحمد الماهية من حيث هي هي نحو: الرجل خير من المرأة؛ بل المراد منه فرد غير معين بحسب الخارج نحو: دخلت السوق في بلد كذا؛ بدليل قوله: "لأنه بيان لحمدهم" واستشهاده بالبيت.
الانتصاف: تعريف النكرة باللام إما للعهد وإما للجنس، والذي للعهد إما أن ينصرف إلى فرد معين من أفراد الجنس نحو: (فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [المزمل: ١١] وإما أن ينصرف العهد إلى الماهية باعتبار تمييزها عن غيرها كقولك: أكلت الخبز، والجنس: هو الذي ينضم إليه شمول الآحاد، وكلا نوعي العهد لا يوجب الاستغراق، وإنما يوجبه الجنس. والزمخشري جعل تعريف الحمد من النوع الثاني من نوعي العهد، وعبر عنه بتعريف الجنس.
وقال الإمام فصيح الدين صاحب "الفرائد": كأنه أراد بهذا القول بعض الحمد بناءً على مذهبه، وليس كذلك؛ فإنه لا حمد إلا لله تعالى. نعم، تعريف الجنس ليس مما يقتضي الاستغراق؛ ولكنه يحتمله. فإن لم يمنع مانع واقتضاه المقام كان مراداً منه. والحمد لما كان هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم، والله تعالى خالق كل جمال وكمال، وخالق كل من له الجمال والكمال، وخالق كل من يستحق به الحمد من الأفعال؛ فله الحمد في الحقيقة وإن أضيف في الظاهر إلى غيره. تم كلامه.


الصفحة التالية
Icon