في لغة عك في معنى: يا رجل، ولعل عكا تصرفوا في «يا هذا» -كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاء- فقالوا في «يا»: «طا»، واختصروا (هذا) فاقتصروا على (ها)، وأثر الصنعة ظاهر لا يخفى في البيت المستشهد به:

إنّ السّفاهة طاها في خلائقكم لا قدّس الله أخلاق الملاعين
والأقوال الثلاثة في الفواتح: أعنى التي قدمتها في أول الكاشف عن حقائق التنزيل، هي التي يعوّل عليها الألباء المتقنون (ما أَنْزَلْنا) إن جعلت (طه) تعديداً لأسماء الحروف على الوجه السابق ذكره فهو ابتداء كلام. وإن جعلتها اسما للسورة احتملت أن تكون خبرا عنها وهي في موضع المبتدأ، و (الْقُرْآنَ) ظاهر أوقع موقع الضمير لأنها قرآن، وأن يكون جوابا لها وهي قسم. وقرئ: (ما نُزل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في لغة عك)، الجوهري: وهو عكُّ بن عدنان. أخو معد. وهو اليوم في اليمن.
قوله: (تصرفوا في "يا هذا")، أي: في لفظة "هذا"، فقلبوا حرف النداء طاء، واختصروا لفظة "هذا" بحذف الذال، وقالوا: "طا ها"، قال الواحدي: وأكثرُ المفسرين على أن معنى (طه): يا رجلُن يريد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قولا لحسن وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة ومجاهدٍ وابن عباس في رواية عطاء والكلبي، غير أن بعضهم يقول: هي بلسان الحبشة وبالنبطية والسريانية، ويقول الكلبي: بلغة عك، قال ابن الأنباري: ولغة قريش وافقت تلك اللغة في هذا المعنى، لأن الله لم يخاطب نبيه ﷺ بلسان غير قريش، وقد ذكر محيي السنة مختصراً من هذا، والمصنفُ ما رضي بهذا القول، حيث قال: والله أعلمُ بصحة ما يقال. وقال: والأقوال الثلاثة في الفواتح هي التي يُعول عليها الألباءُ المتقنون.
قوله: (و (الْقُرْآنَ) ظاهر أوقع موقع الضمير)، يعني: (طه) إذا كان اسماً للسورة


الصفحة التالية
Icon