يقطع فيقول: إنى (آتِيكُمْ)؛ لئلا يعد ما ليس بمستيقن الوفاء به. القبس: النار المقتبسة في رأس عود أو فتيلة أو غيرهما. ومنه قيل: المقبسة، لما يقتبس فيه من سعفة أو نحوها (هُدىً) أى: قوما يهدوننى الطريق أو ينفعوننى بهداهم في أبواب الدين، عن مجاهد وقتادة، وذلك لأنّ أفكار الأبرار مغمورة بالهمة الدينية في جميع أحوالهم لا يشغلهم عنها شاغل. والمعنى: ذوى هدى. أو إذا وجد الهداة فقد وجد الهدى. ومعنى الاستعلاء في (عَلَى النَّارِ) أنّ أهل النار يستعلون المكان القريب منها، كما قال سيبويه في (مررت بزيد): أنه لصوق يقرب من زيد. أو لأنّ المصطلين بها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من سعفةٍ)، السعفة: الخرقة بلغة أهل مكة، والسعافُ: الخزاف.
قوله: (إذا وجد الهداة فقد وجد الهدى)، يريد أن أطلق "الهدى" وأريد "الهدى" إطلاقاً للازم على الملزوم، ويمكن أن تكون الآية من باب قول ابن المناذر:

إن عبد الحميد لما تولى هد رُكنا ما كان بالمهدود
ما درى نعشه ولا حاملوه ما على النعش من عفافٍ وجود
لأنه إذا وجد الهدى في ذلك المكان ولا ارتياب في أنه لا يتقوم فيه بنفسه، فقد وجد الهداة، وعليه البيت المستشهد به في "الكتاب".
قوله: (كما قال سيبويه)، يعني: جعل استعلاء مكانٍ يقربُ منها بمثابة استعلائها، كما جعل اللصوق بما كان يقربُ من زيدٍ بمثابة اللصوق بمكان زيد.
قوله: (أو لأن المصطلين بها)، اعلم أن (عَلَى النَّارِ): ظرفٌ مستقرٌ حالٌ من (هُدًى)، و"كان": صفة قُدمت، صارت حالاً.
قال صاحب "الفرائد": (عَلَى): حرفُ جر لا بد له من متعلق، فالتقدير: أو أجدُ ذوي هدى مشرفين على النار؛ لأنه لابد في الاصطلاء بالنار من أن تكون النار تحت أذيالهم.


الصفحة التالية
Icon