(لِما يُوحى): للذي يوحى، أو للوحى. تُعلَّقُ اللام بـ (استمع)، أو بـ (اخترتك) (لِذِكْرِي): لتذكرني فإن ذكرى أن أعبد ويصلى لي. أو لتذكرني فيها لاشتمال الصلاة على الأذكار عن مجاهد. أو: لأنى ذكرتها في الكتب وأمرت بها. أو لأن أذكرك بالمدح والثناء وأجعل لك لسان صدق. أو لذكرى خاصة لا تشوبه بذكر غيرى أو لإخلاص ذكرى وطلب وجهى لا ترائى بها ولا تقصد بها غرضا آخر. أو لتكون لي ذاكرا غير ناس فعل المخلصين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو مختارٌ في كذا، فليس يريدون به ما يراد بقولهم: فلانٌ له اختيار، فإن الاختيار أخذُ ما يراه خيراً.
قله: (لتذكرني فيها لاشتمال الصلاة على الأذكار)، هذا هو الوجه.
وقوله: (أو لتكون لي ذاكراً غير ناسٍ فعل المخلصين)، إلى آخره، متقاربان، لكن المراد بالإقامة على الأول: تعديل أركانها، وعلى الثاني: إدامتها، وجُعلت الصلاة في الأول مكاناً لذكر ومقره وعلته، وعلى الثاني: جُعلت إقامة الصلاة، أي: إدامتها، علة لإدامة الذكر، أي: أدم الصلاة لتستعين بها على استغراق فكرك وهمتك في الذكر، كقوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) [البقرة: ٤٥] ولخصهما القاضي حيث قال: خص الصلاة بالذكر وأفردها بالأمر للعلة التي أناط بها إقامتها، وهو تذكر المعبود وشُغلُ القلب واللسان بذكره يعني: ولتنويه الذكر أفردت الصلاةُ عن جنس العبادات وجُعلت جنساً أشرف وأعلى منها، ثم نيط بها الذكر للعلية ليؤذن بأن الذكر مُخ العبادة تم كلامه.
واعلم أنه تعالى كلما خاطب كليمه عليه السلام في مقام القدس بخطاب رتب عليه بالفاء حُكماً، قال أولاً: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) فعقبه بقوله: (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ)، قال الإمام: نبه به على تعظيم البُقعة وعلى أن لا يطأها إلا حافياً، ولذلك علله بقوله: (إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ