ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طُوًى) وإكرام الديار لساكنيها، كأنه أُشير به، إنك بوادي فقد سجلال الله وطهارة عزته، فتجرد عما سوى الله. ويمكن أن يُقال: خلع النعلين إشارة إلى تجريد ما وقع النظر عن السعي بالكلية؛ لأن بالقدم يعبر عن السعي، كما أن باليد يعبر عن القوة، ويوافقه ما رواه السلمي في "الحقائق" عن الشبلي: اخلع الكل منك تصل إلينا بالكلية، فيكون ولا يكون، فتحقق في عين الجمع ليكون إخبارك عنا وفعلك فعلنا، وقال ابن عطاء: اخلع نعليك: انزع عنك قوة الاتصال والانفصال إنك بوادي الانفراد معي، ليس معك أحدٌ سواي. الله أعلم.
وثانياً: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) فعقبه بقوله: (فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى)، قال الإمام: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) لذلك المنصب العالي ابتداء لا أنه استحقاقٌ منك على الله فتأهب له واجعل نفسك وعقلك مصروفاً إليه، فقوله: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) يفيد نهاية اللطف والرحمة، وقوله: (فَاسْتَمِعْ) غاية الهيبة والرهبة.
وثالثا: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي)، قال الإمام: الفاء دلت على أن إلهيته هي التي ألزمت العبادة، هذا هو تحقيق قول العلماء (لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) معناهُ: المستحقُ للعبادة
ورابعاً: (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى * فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا) رتب نهي المخاطب عما يصده عن الآيات على مجيء الساعة، كما رتب نهي مد النظر على إيتاء السبع المثاني في قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ) بالحجر: ٨٧ - ٨٨]، أي: لا يصدنك النظر إلى متمتعاتهم التي هي زهرةث الحياة الدنيا عن التهيئة لزاد المعاد، (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ


الصفحة التالية
Icon