وبطلت بالقلب حية، فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشأناها أوّلا. ونصب (سِيَرَتهَا) بفعل مضمر، أى: تسير سيرتها الأولى: يعنى سنعيدها سائرة سيرتها الأولى حيث كنت تتوكأ عليها ولك فيها المآرب التي عرفتها.
(وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى) [سورة طه ٢٢ - ٢٣].
قيل لكل ناحيتين: جناحان، كجناحى العسكر لمجنبتيه، وجناحا الإنسان: جنباه، والأصل المستعار منه جناحا الطائر. سميا جناحين لأنه يجنحهما عند الطيران. والمراد إلى جنبك تحت العضد، دل على ذلك قوله (تَخْرُجْ). السوء: الرداءة والقبح في كل شيء، فكنى به عن البرص كما كنى عن العورة بالسوأة، وكان جذيمة صاحب الزباء أبرص
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى عصا ذات شُعبتين ومحجن، فإذا طال الغُصن جناهُ بالمحجن، إلى سائر ما ذكره المصنف من المآرب، وقال أبو البقاء: يجوز أن يكون (سِيرَتَهَا) بدل اشتمال من ضمير المفعول في (سَنُعِيدُهَا)؛ لأن معنى سيرتها: صفتها أو طريقتها.
الراغب: السيرة: الحالة التي يكون عليها الإنسان وغيره، غريزياً كان أو مُكتسباً، يقال: له سيرة حسنة وسيرة قبيحة، وقوله تعالى: (سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى) أي: الحالة التي كانت عليها من كونها عوداً.
قوله: (لمجنبتيه)، وهي الميمنة والميسرة.
قوله: (والأصل المستعارُ منه جناحا الطائر)، هذه الاستعارة غير مسبوقة بالتشبيه؛ كاستعارة الأسد للمقدام، بل هي من المجاز الخالي من الفائدة، نحو إطلاق المرسن على لطف الإنسان.