ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلما دخل جذيمة على الزباء تكشفت، فإذا هي مضفورة الأسب، بالباء الموحدة، وهو شعر الاست، وقالت: يا جذيمة، "أدأب عروس ترى؟ " فذهبت مثلاً، وقالت: أنبئت أن دماء الملوك شفاءٌ من الكلب، ثم أجلسته على نطع، وسقته الخمر حتى أخذت منه، ثم أمرت براهشيه فقُطعا، وقدمت إليه طستاً وقيل لها: إن قطر من دمه شيءٌ في غير الطست طُلب بدمه، فلما ضعفت يداه سقطتا، فقطر من دمه في غير لطست، فقالت: لا يُضيعوا الدم، فقال جذيمة: "دعوا دماً ضيعه أهله"، فذهبت مثلاً، فهلك جذيمة وخرج قصيرٌ حتى قدم على عمرو بن عدي، فقال له قصير: تهيأ واستعد ولا تُطل دم خالك، فقال: "وكيف لي بها وهي أمنعُ من عقاب الجو؟ " فذهبت مثلاً.
وكانت الزباء سألت عن هلاكها فقيل: سبب هلاكها عمرو بن عدي، ولكن حتفك بيدك، فحذرت عمراً واتخذت نفقاً من مجلسها إلى حصن لها داخل مدينتها، وصورت صورة عمرو فلا تراه إلا وعرفته، وقال قصيرٌ لعمرو بن عدي: اجدع أنفي واضرب ظهري ودعني وإياها، فأبي عمرو، فجدع قصير أنفه وأثر بظهره وهر كأنه هاربٌ، وأظهر أن عمراً فعل ذلك به، وقدم على الزباء فقالت: ما الذي أرى بك يا قصير؟ فقال: زعم عمرو أني غدرت خاله وزينت له المسير إليك ومالأتك عليه، ففعل ما ترين، فأقبلت إليك وعرفت أني لا أكون مع أحد هو أثقل عليه منك فأكرمته وأصابت عنده بعض ما أرادت من الحزم والرأي والتجربة والمعرفة بأمور الملك، فلما عرف أنها قد وثقت به، فقال لها: إن لي بالعراق أموالاً كثيرةً، وبها طرائف وعطر، فابعثيني لأحمل مالي وأحمل إليك من طرائفها، فدفعت إليه أموالاً وجهزت معه عيراً، فسار حتى قدم على عمرو بن عدي مستخفياً وأخبره الخبر وقال: جهزني بالمز والطرف وغير ذلك، لعل الله يمكن من الزباء فتصيب ثأرك، فأعطاه حاجته، فلما عُرض عليها سرها وازدادت به ثقةً، ثم جهزته بعد ذلك بأكثر مما جهزته به أولاً، ثُم عاد الثالثةَ فأخبر عمراً الخبر وقال: اجمع ثقات أصحابك


الصفحة التالية
Icon