(مِن) صلة ل (بَيضَاءَ)، كما تقول ابيضت من غير سوء، وفي نصب (آيَةً) وجه آخر، وهو أن يكون بإضمار نحو: خذ، ودونك، وما أشبه ذلك، حذف لدلالة الكلام، وقد تعلق بهذا المحذوف (لِنُرِيَكَ) أي خذ هذه الآية أيضا بعد قلب العصا حية لنريك بهاتين الآيتين بعض آياتنا الكبرى. أو لنريك بهما الكبرى من آياتنا.
أو لنريك من آياتنا الكبرى فعلنا ذلك.
[(اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى* قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي* وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي* كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً* وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً* إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً)].
لما أمره بالذهاب إلى فرعون الطاغي لعنه الله عرف أنه كلف أمرا عظيما وخطبا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال أبو البقاء: (بَيْضَاءَ): حالٌ، و (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) يجوز أن يتعلق بتخرج، وأن يكون صفة لـ (بَيْضَاءَ) أو: حالاً من الضمير في (بَيْضَاءَ)، و (آيَةً): حالٌ أخرى بدلٌ من الأولى، وحالٌ من الضمير في (بَيْضَاءَ)، أي: تبيض آية، أو: حالاً من الضمير في الجار مع المجرور، وهو قوله: (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ).
قوله: (أو: لنريك من آياتنا الكبرى)، فعلى ذلك عطف على قوله: "وقد تعلق بهذه المحذوف لـ (نُرِيَكَ) "، ومن في قوله: (مِنْ آيَاتِنَا) إما للتبعيض، وإليه الإشارة بقوله: بعض آياتنا، أو للبيان، وإليه الإشارة بقوله: أو لنريك بهما الكبرى من آياتنا، يؤيده قول ابن عباس: (كانت يد موسى أكبر آياته)، فيكون (مِنْ آيَاتِنَا) حالاً من (الْكُبْرَى) قُدمت عليها وإن كان ذو الحال معرفة، مراعاةً للفواصل.
قوله: (لما أمره بالذهاب إلى فرعون الطاغي، عرف أنه كُلف أمراً عظيما)، إلى قوله: (فاستوهب ربه أن يشرح صدره)، يعني: لما علل الله سبحانه وتعالى الأمر بالذهاب إلى