جسيما يحتاج معه إلى احتمال ما لا يحتمله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فرعون بوصفه بالطغيان، عرف موسى ذلك وطلب ما طلب، والإمام علق قول موسى عليه السلام (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) بما خاطبه من لدن قوله: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) إلى هذا المقام، قال تارةً: إن شرح الصدر مقدمةٌ لسطوع الأنوار الإلهية في القلب، والاستماع أيضاً مقدمة لفهم كلام الله المجيد، فلما كلفه الله بالمقدمة التي هي الاستماع في قوله: (فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى) نسج عليه السلام على ذلك المنوال وطلبا لمقدمة، وقال: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) حتى يتمكن قلبي في بهو ضوء المعرفة ووسادة قذف النور من تلقي سماع كلامك. وقال أخرى: لما نُصب موسى عليه السلام لذلك المنصب العظيم احتاج إلى تكاليف شاقة من تلقي الوحي وتبليغه إلى المعاندين والمواظبة على خدمة الباري وإصلاح العالم السفلي، فكأنه كلف بتدبير العالمين، والالتفات إلى أحدهما يمنع من الاشتغال بالآخر، فطلب عليه السلام شرح الصدر حتى يفيض عليه كمالاً من القوة لتكون قوته وافية لضبط تدبير العالمين.
الراغب: شرحُ الصدر: بسطه بنور إلهي وسكينة من جهة الله تعالى. قال الله تعالى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) [الزمر: ٢٢].
وقلتُ: يؤيد هذا التأويل قوله عليه السلام: (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً) بعد طلب تيسير الأمر وحل العقدة ومؤازرة أخيه للتبليغ ليطابق قوله: (فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)، وقوله: (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى)، وعلى ما فسره المصنف يكون قوله: (كَيْ نُسَبِّحَكَ) الآية أجنبياً، وفيه نُكتةٌ أخرى، وهي أن الله سبحانه وتعالى: كما علل إقامة الصلاة بذكره سبحانه وتعالى في قوله: (وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي). وقوله (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى)، كذلك علل عليه السلام مطالبه كلها بالقيام على تكثير ذكر الله عز وجل فآذن بأن ذكر الله لا مطلب فوقه. وفي "حقائق" السلمي عن عطاء أنه قال: اكشف