غلام رماه الله بالحسن يافعا
أى: حصل فيه الحسن ووضعه فيه، والضمائر كلها راجعة إلى موسى. ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت: فيه هجنة، لما يؤدى إليه من تنافر النظم. فإن قلت: المقذوف في البحر هو التابوت، وكذلك الملقى إلى الساحل. قلت: ما ضرك لو قلت: المقذوف والملقى هو موسى في جوف التابوت، حتى لا تفرق الضمائر فيتنافر عليك النظم الذي هو أم إعجاز القرآن. والقانون الذي وقع عليه التحدّى، ومراعاته أهم ما يجب على المفسر. لما كانت مشيئة الله تعالى وإرادته أن لا تخطئ جرية ماء اليم الوصول به إلى الساحل وإلقاءه إليه، سلك في ذلك سبيل المجاز، وجعل اليم كأنه ذو تمييز، أمر بذلك ليطيع الأمر ويمتثل رسمه، فقيل (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ) روى أنها جعلت في التابوت قطنا محلوجا، فوضعته فيه وجصصته وقيرته، ثم ألقته في اليم وكان يشرع منه إلى بستان فرعون تهر كبير، فبينا هو جالس على رأس بركة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (غلامٌ رماه الله بالحسن يافعا)، تمامه في "المطلع":
له سيمياءٌ لا تشق على البصر
غلامٌ يافعٌ ويفعة: تحرك ولما يبلغ. والسيماءُ السيمياء: العلامة، وأصله الواو.
قوله: (فيه هجنةٌ)، والهجنة: مصدر الهجين، وهو الذي ولدته أمةٌ. الأساس: أنا أستهجنُ فعلك، وفيه هجنةٌ، وفي زناده هجنةٌ: إذا كان أحد الزندين واريا والآخر صلودا.
قوله: (سلك في ذلك)، جواب "لما"، والمشار إليه قوله: (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ)، والمجاز من باب الاستعارة المكنية، شبه اليم بمأمورٍ ذي تمييز أورد عليه أمر آمر مطاع، وجعل القرينة أمره بقوله: (فَلْيُلْقِهِ).


الصفحة التالية
Icon