مع آسية إذا بالتابوت، فأمر به فأخرج ففتح، فإذا صبى أصبح الناس وجها، فأحبه عدوّ الله حبا شديدا لا يتمالك أن يصبر عنه. وظاهر اللفظ أنّ البحر ألقاه بساحله وهو شاطئه، لأنّ الماء يسحله أى يقشره وقذف به ثمة فالتقط من الساحل، إلا أن يكون قد ألقاه اليم بموضع من الساحل فيه فوهة نهر فرعون، ثم أداه النهر إلى حيث البركة (مِنِّي) لا يخلو إما أن يتعلق ب (ألقيت)، فيكون المعنى على: أنى أحببتك ومن أحبه الله أحبته القلوب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لا يتمالك أن يصبر عليه)، الجوهري: ما تمالك: ماتماسك.
قوله: (وظاهر اللفظ)، عطفٌ على قوله: "رُوي" أو حالٌ من الضمير في "رُويَ"، يعني ظاهر لفظ القرآن يخالف الرواية المذكورة؛ لأن اليم: البحر، الساحل: هو شاطئه، والقذف من اليم إنما يكون بالساحل، وكذلك الالتقاط منه، وليس فيه دخول التابوت البركة فيلتقط منها إلا أن يُحمل اللفظُ على أن الساحل كان متصلاً بفوهة نهر فرعون، وقلتُ: رواية الواحدي ومحيي السنة: أن اليم هو نهر النيل والشاطئ هو شاطئ النيل، وكان يشرعُ من النيل نهر كبيرٌ في دار فرعون، فبينما فرعون جالس مع امرأته على رأس البركة إذا بتابوت يجيء به الماء، فأمر بإخراجه فأخرجوه.
قوله: (لأن الماء يسحله)، الجوهري: الساحلُ: شاطئ البحر، قال ابن دريد: هو مقلوبٌ، وإنما الماء سحله.
قوله: (وقذف به ثمة)، الفاعل المستتر في "قذف" للبحر، وهو عطفٌ تفسيريٌّ على "ألقاه بساحله"، وما بينهما معترض.
قوله: (فوهة نهر فرعون)، الجوهري: وأفواه الأزقة والأنهار، واحدتها فوهة بتشديد الواو.


الصفحة التالية
Icon