لجوامع خصال فيه وخصائص، أهلا لئلا يكون أحد أقرب منزلة منه إليه، ولا ألطف محلا، فيصطنعه بالكرامة والأثرة، ويستخلصه لنفسه. ولا يبصر ولا يسمع إلا بعينه وأذنه، ولا يأتمن على مكنون سره إلا سواء ضميره.
(اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي (٤٢) اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٤٣) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) [طه: ٤٢ - ٤٤].
الونى. الفتور والتقصير. وقرئ: (تِنيا)، بكسر حرف المضارعة للإتباع، أى: لا تنسيانى ولا أزال منكما على ذكر حيثما تقلبتما، واتخذا ذكرى جناحا تطيران به
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لئلا يكون أقرب منزلة)، "يكون" تامة، والفاعل "أقربُ"، أي: لئلا يوجد أحدٌ أقرب منزلةً منه.
قوله: (ولا يأتمن على مكنون سره إلا سواء ضميره)، الأساس: سواءُ الشيء: وسطه، وضرب سواءه: وسطه ومستوى مفرقه، (فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ) بالصافات: ٥٥] أي: وسطها.
قوله: (الوني: الفتور والتقصير)، الأساس: ونى في الأمر: ضعف وفتر، وفلانٌ عمل فونى: تعب، وأونيته: أتعبته.
قوله: (واتخذا ذكري جناحا)، ولما عقب النهي عن الونى في الذكر بالأمر بالذهاب، وكرره إجمالاً وتفصيلاً حسن قوله: "واتخذا ذكري جناحاً تطيران به"، يعني: اذهبا بآياتي وأسرعا فيه استعينا على إمضائها بمداومة ذكري، فإن الأمر الذي وجهتما إليه ما يتمشى إلا بمداومة الذكر والاصطبار عليها، وفيه تلويح إلى إشارات العارفين، وأن الترقي إلى المقامات العالية والعروج إلى مظان الزلفى إنما يحصل بملازمة الذكر وشد أعضاده بالأعمال الصالحة، (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر: ١٠]، انظر


الصفحة التالية
Icon