مستمدين بذلك العون والتأييد منى، معتقدين أن أمرا من الأمور لا يتمشى لأحد إلا بذكرى. ويجوز أن يريد بالذكر تبليغ الرسالة، فإن الذكر يقع على سائر العبادات، وتبليغ الرسالة من أجلها وأعظمها، فكان جديرا بأن يطلق عليه اسم الذكر. روى أن الله تعالى أوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى. وقيل: سمع بمقبله. وقيل: ألهم ذلك. قرئ (لَيِّناً) بالتخفيف والقول اللين. نحو قوله تعالى (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى)] النازعات: ١٨ - ١٩ [لأنّ ظاهره الاستفهام والمشورة، وعرض ما فيه من الفوز العظيم. وقيل: عداه شبابا لا يهرم بعده، وملكا لا ينزع منه إلا بالموت، وأن تبقى له لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته. وقيل: لا تجبهاه بما يكره، والطفا له في القول، لما له من حق تربية موسى، ولما ثبت له من مثل حق الأبوّة. وقيل:
كنياه وهو من ذوى الكنى الثلاث: أبو العباس، وأبو الوليد، وأبو مرّة. والترجي لهما، أى: اذهبا على رجائكما وطمعكما، وباشرا الأمر مباشرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف كرر الذكر من أول ما بدأ بالكليم ليعرف عائدته، ومن ثم قال: إن أمراً من الأمور لا يتمشى لأحدٍ إلا بذكري.
قوله: (سمع بمقبله)، أي: بإقباله، الأساس: رأيتُ بذلك القبل شخصاً وهو ما استقبلك من نشز أو جبل.
قوله: (وعرضُ ما فيه من الفوز العظيم)، عطفٌ تفسيري على قوله: "والمشورة"، وهي على قوله: "الاستفهام"، يعني: القول اللين من مثل موسى عليه السلام لمثل فرعون لا يكون إلا على المشورة التعريض، فصح الاستشهاد بقوله: (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى) [النازعات: ١٨ - ١٩].
قوله: (عداه)، وهو أمر للاثنين، من الوعد.
قوله: (لا تجبهاه بما يكره)، الأساس: جبهته، ومن المجاز: لقيه بما يكره، ولقيت منه جبهة، أي: مذلة.
قوله: (والترجي لهما)، إشارةٌ إلى أن معنى الترجي راجع إليهما لا إلى الله تعالى؛ لأنه يعلمُ


الصفحة التالية
Icon