من جبروته واستكباره وادّعائه الربوبية. أو من حبه الرياسة، أو من قومه القبط المتمرّدين الذين حكى عنهم ربّ العزّة (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ)] الأعراف: ٦٠ [(قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ)] المؤمنون: ٣٣ [وقرئ: (يفرط)، من الإفراط في الأذية، أى: نخاف أن يحول بيننا وبين تبليغ الرسالة بالمعاجلة. أو يجاوز الحدّ في معاقبتنا إن لم يعاجل، بناء على ما عرفا وجرّبا من شرارته وعتوّه (أَوْ أَنْ يَطْغى) بالتخطي إلى أن يقول فيك ما لا ينبغي، لجرأته عليك وقسوة قلبه. وفي المجيء به هكذا على الإطلاق وعلى سبيل الرمز: باب من حسن الأدب وتحاش عن التفوّه بالعظيمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو بمجاوزة الحد)، عطفٌ على قوله: "بالمعاجلة"، ويروى: "أو يجاوز الحد" عطفٌ على: "يحول بيننا"، والمعنى على الأول، أي: على القراءتين الأوليين: نخاف من أن يحول بيننا وبين تبليغ الرسالة بالمعاجلة بالعقاب، فإنه لا أذية فوقها لماعهدنا من التوصية بإبلاغ الرسالة، وعلى الثاني المعنى: نخاف من الإفراط في الأذية، فإنه شرير عاتٍ عذابه شديدٌ، فقوله: أن يحول: مبني على القراءتين السابقتين، أو بمجاوزة الحد على الأخيرة على اللف والنشر.
قوله: (من شرارته)، الأساس: شر فلانٌ يشر شرارةً، وهو شريرٌ.
قوله: (على الإطلاق وعلى سبيل الرمز)، يريد أنهما عليهما السلام لم يذكرا متعلق (يَطْغَى)، وهو: عليك، بمعنى القول فيك بما لا ينبغي، وذكرا متعلق (يَفْرُطَ) وهو: (عَلَيْنَا)؛ لأن معرته عائدة إليهما إجلالاً لله تعالى وتهيباً من عزته واستزادة لرأفته واستنزالاً لرحمته، وذلك أن الجاهل بالله وبرسوله يخاف منه على الرسول بالإفراط في التكذيب أو في العقوبة، وعلى الله سبحانه وتعالى بما لا ينبغي من القول فيه (فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الأنعام: ١٠٨].