المحل على الذم. أو هو مبتدأ خبره (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) قدم عليه: والمعنى: وهؤلاء أسروا النجوى. فوضع المظهر موضع المضمر تسجيلا على فعلهم بأنه ظلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال أبو البقاء: الواو حرفٌ للجمع لا اسمٌ. قيل جيء بالواو وهي حرفٌ للدلالة على أن الفاعل جمعٌ، كما يُجاءُ بالتاء للدلالة على أن الفاعل مؤنث. واعتذر للثاني الزجاج، حيث قال لما وُصفت البراغيثُ بالأكل، قيل: أكلوني. قال الشاعر:

تمززتُها والديكُ يدعو صباحه إذا ما بنو نعشٍ دنوا فتصوبوا
قوله: (فوضع المظهر موضع المضمر)، هذا يوهم أن "هؤلاء" في تقديره: "وهؤلاء أسروا النجوى" مُضمرٌ وُضع موضع (الَّذِينَ ظَلَمُوا) وليس بذلك؛ لأنه مثلُ "الذين" على قول من قال: "أولاءِ" موصولةً، إذ الأصلُ: هم أسروا النجوى، لاقتضاء قوله: (وَهُمْ يَلْعَبُونَ) ذلك.
كشف الله تعالى عن معنى قوله: (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) بثلاثة أنواع من القبائح، أحدها: أنهم استمعوا الذكر استماع تفطن، لكنهم قرنوا بذلك الاستهزاء. نقل الواحديُّ عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى (إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ): يستمعون القرآن مستهزئين.
وثانيها: (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ)، قال القاضي: (وَهُمْ يَلْعَبُونَ) يستهزئون لتناهي غفلتهم، وفرط إعراضهم عن النظر في الأمور، والتفكر في العواقب؛ جعل (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) علةً لقوله: (وَهُمْ يَلْعَبُونَ) على تداخل الحالين، والأولى أن يجعل لاهية قلوبهم أمراً مستقلاً عن ترادف الحالين، أنه قيل: يستمعون مستهزئين، كأنهم ما يستمعون؛ لأنهم ما انتفعوا


الصفحة التالية
Icon