(ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء: ٦].
(أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) فيه أنهم أعتى من الذين اقترحوا على أنبيائهم الآيات وعاهدوا أنهم يؤمنون عندها، فلما جاءتهم نكثوا أو خالفوا، فأهلكهم الله. فلو أعطيناهم ما يقترحون لكانوا أنكث وأنكث.
(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [الأنبياء: ٧].
أمرهم أن يستعلموا أهل الذكر وهم أهل الكتاب، حتى يعلموهم أن رسل الله الموحى إليهم كانوا بشرا ولم يكونوا ملائكة كما اعتقدوا، وإنما أحالهم على أولئك لأنهم كانوا يشايعون المشركين في معاداة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن قصدهم: فليأتنا بآية مثل ما أتى به المرسلون نحو موسى وعيسى عليهما السلامُ من قلبِ العصا ثعباناً، وإحياء الموتى، لا كغيرهما من الأنبياء.
قوله: (فيه أنهم أعتى من الذين اقترحوا على أنبيائهم)، وكان أصلُ الكلام: ما آمنت قبل هؤلاء المشركين أهل قريةٍ أردنا إهلاكها بسبب عنادهم، فهؤلاء أيضاً لا يؤمنون، ثم أدخل همزة الإنكار والاستبعاد؛ لتدل على الإدماج، وأن هؤلاء أعتى من السابقين. فقوله: (مَا آمَنَتْ) متعلقٌ بقوله: (فَلْيَاتِنَا بِآيَةٍ)؛ لأنهم لما طعنوا في القرآن، وأنه معجزةٌ وبالغوا فيه حتى أخذوا من قوله: (أَفَتَاتُونَ السِّحْرَ) إلى أن انتهوا إلى قوله: (فَلْيَاتِنَا بِآيَةٍ) وأرادوا انه ليس من جنس اليد البيضاء، والعصا، وإبراء الأكمه وإحياء الموتى، علم أنهم مُعاندون، فقيل مُسلياً لرسول الله ﷺ في أن الإنذار لا يُجدي فيهم بقوله: (مَا آمَنَتْ) الآية.
قوله: (يشايعون المشركين). الجوهري: شيعةُ الرجل: أتباعه وأنصاره، يقال: شايعه كما يُقال: والاه، والمشايعُ أيضاً: اللاحق.