ملائكته لينفعهم في دينهم. أو يلهمهم ذلك فيحدثوا به نفوسهم.
(وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ) من العيش الرأفة والحال الناعمة. والإتراف: إبطار النعمة وهي الترفة (لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) تهكم بهم وتوبيخ، أى: ارجعوا إلى نعيمكم ومساكنكم لعلكم تسئلون غدا عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة. أو ارجعوا واجلسوا كما كنتم في مجالسكم. وترتبوا في مراتبكم حتى يسألكم عبيدكم وحشمكم ومن تملكون أمره وينفذ فيه أمركم ونهيكم ويقول لكم: بم تأمرون؟ وبماذا ترسمون؟ وكيف نأتى ونذر كعادة المنعمين المخدّمين؟ أو يسألكم الناس في أنديتكم المعاون في نوازل الخطوب، ويستشيرونكم في المهمات والعوارض ويستشفون بتدابيركم، ويستضيئون بآرائكم. أو يسألكم الوافدون عليكم والطماع ويستمطرون سحائب أكفكم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: ركضت الفرس، ومتى نُسب إلى الماشي: فوطء الأرض، نحو قوله تعالى: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) [ص: ٤٢]، وقال تعالى: (لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ) [الأنبياء: ١٣] فنهوا عن الانهزام. الترفه: التوسعُ في النعمة، يقالُ: أُترفَ فلانٌ فهو مترفٌ، قال تعالى: (وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [المؤمنون: ٣٣].
قوله: (أو يلهمهم ذلك) أي: يُلهم الله تعالى بهذا الكلام نفوس الملائكة، فتحدث الملائكة به فيكون كلاماً نفسياً يخاطبون به الفار الراكضين وليس هناك مخاطبةٌ، وإنما هو شيءٌ يفيد الملائكة في دينهم.
قوله: (ترتبوا في مراتبكم)، أي: تمكنوا فيها، الأساس: رتب فلانٌ رتوبَ الكعب، في المقام الصعب، ورتب في الصلاة: انتصب قائماً.


الصفحة التالية
Icon