ويمترون أخلاف معروفكم وأياديكم: إما لأنهم كانوا أسخياء ينفقون أموالهم رئاء الناس وطلب الثناء، أو كانوا بخلاء فقيل لهم ذلك تهكما إلى تهكم، وتوبيخا إلى توبيخ.
(تِلْكَ) إشارة إلى (يا ويلنا)، لأنها دعوى، كأنه قيل: فما زالت تلك الدعوى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويمترون أخلاف معروكم). الجوهري: مريتُ الناقة مرياً: إذا مسحت ضرعها ليدر، والريح تمري السحاب، تمتريه، أي: تستدره.
الأساس: ومن المجاز: وأخلفت النجومُ والشجر: لم تُمطر ولم تثمر. وناقةٌ مخلفة: ظُنَّ بها حملٌ ثم لم يكن، وهو خالفةُ أهل بيته، أي: فاسدهم وشرهم، ودرت لفلانٍ أخلافُ الدنيا. يمترون: ترشيحٌ لاستعارة أخلاف معروفكم، ويستمطرون: ترشيحٌ لسحائب أكفكم.
اعلم أنه فُسر (لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ) بوجوه، بناء على أنه مطلقٌ يحتملُ أن يقيد بما يقتضيه المقام بحسب الاستعمال، وأن يُترك على إطلاقه.
قال في "الأساس": سألتُ عنه مسألةً، وسألته حاجةً. وأصبتُ منهُ سُؤلي: طلبتي، فعلٌ بمعنى مفعول.
فقدر في الوجه الأول "عن" حيثُ قال "تسألون غداً عما جرى عليكم"، وأطلق في الثاني حين قال: "حتى يسألكم عبيدكم وحشمُكم ومن تملكون أمره"، فهو إما يجري مجرى اللام، أو يُقدر أشياء مما يليقُ بحالهم لا تُحصى. وبنى الثالث والرابع على أنه من قولهم: سألته حاجةً مما يقتضي مفعولين، فهو إما أنهم شجعانٌ يستنجدهم الناس، ويطلبون منهمُ المعونة، وإليه الإشارة بقوله: "يسألكم الناس المعاون"، أو أسخياء يستجدون من نائلهم، ويستمطرون سحائب أكفهم. المعاونُ: جمعُ المعونة.
قوله: (تهكماً إلى تهكُّم)، أي: منضماً إلى مثله. أوله: يقالُ لهم: ارجعوا إلى ما أُترفتُم فيه حين ولات حين مناص. وثانيه: يقالُ لهم: يسألكم الوافدون ويستمطرون سحائب أكفكم، وهم الجامدون البخلاء.