(دَعْواهُمْ) والدعوى بمعنى الدعوة. قال تعالى (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [يونس: ١٠].
فإن قلت: لم سميت دعوى؟ قلت: لأن المولول كأنه يدعو الويل، فيقول تعالى: يا ويل فهذا وقتك. و (تِلْكَ) مرفوع أو منصوب اسما أو خبرا وكذلك دعواهم. "الحصيد": الزرع المحصود، أى: جعلناهم مثل الحصيد، شبههم به في استنصالهم واصطلامهم «٢» كما تقول: جعلناهم رمادا، أى مثل الرماد. والضمير المنصوب هو الذي كان مبتدأ والمنصوبان بعده كانا خبرين له، فلما دخل عليها جعل نصبها جميعا على المفعولية. فإن قلت كيف ينصب «جعل» ثلاثة مفاعيل؟ قلت: حكم الاثنين الآخرين حكم الواحد، لأنّ معنى قولك «جعلته حلوا حامضا» جعلته جامعا للطعمين. وكذلك معنى ذلك: جعلناهم جامعين لمماثلة الحصيد والخمود.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((وَكَذَلِكَ) مرفوعٌ أو منصوبٌ اسماً أو خبراً)، وفيه نظرٌ؛ لأن (تِلْكَ) اسمٌ لفظاً ومعنىً؛ لأن المعنى: لا زالت تلك الدعوى دعواهم، ولأن الاسم المبهم أشدُّ توغلاً في التعريف من المضاف؛ لأنهُ قريبُ من المضمر على أنه مقدم.
قوله: (واصطلامهم) أي: استئصالهم، قاله الجوهري.
قوله: (جامعين لمماثلة الحصيد والخمود) يعني: كما يجتمع الحلو والحامض في معنى واحد، وهو المزُّ، كذا الحصيدُ والخمود؛ لأن النار إذا خمدت فصارت رماداً، كانت كالزرع المحصود المدقوق.
الراغب: قوله: (جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ) [الأنبياء: ١٥] كنايةٌ عن موتهم، من خمدتِ النارُ: إذا طُفئ لهبُها. وعنه استعير: خمدت الحُمي: سكنتْ. فيكونُ "والخمود"


الصفحة التالية
Icon