الأرضية التي هي الأصنام، لا إثبات السماء مكانا لله عزّ وجلّ. ويجوز أن يراد آلهة من جنس الأرض، لأنها إمّا أن تنحت من بعض الحجارة، أو تعمل من بعض جواهر الأرض.
فإن قلت: لا بدّ من نكتة في قوله (هُمْ)؟ قلت: النكتة فيه إفادة معنى الخصوصية، كأنه قيل: أم اتخذوا آلهة لا يقدر على الإنشار إلا هم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأبو داود والنسائي من حديث طويل كلهم عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه، إلا مالكاً، فإنه أخرجه عن هلال بن أسامة.
قوله: (كأنه قيل: أم اتخذوا آلهة لا يقدر على الإنشار إلا هم)، والنُكتةُ فيه تتميمُ معنى التهكم والمبالغةُ فيه، قال في "الانتصاف": وفيه نظرٌ؛ لأن أداة الحصر مفقودة، وليس من قبيل: صديقي زيدٌ؛ فن المبتدأ في الآية أخص شيء؛ لأنه ضميرٌ. وعندي أن فائدة "هم": الإيذانُ بأنهم لم يتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون، و"هم": استئنافٌ، كأنه قال: أم اتخذوا آلهةً من الأرض مع الله فهم إذن ينشرون، إذ هو لازمُ قولهم، ومما يوضحه دليلُ التمانع الذي اقتبس من نور هذه الآية.
وقلتُ: ليس لصاحب "الانتصاف" أن يشرع معه في البحث عن خواص التراكيب؛ لأنه ليس من رجاله. قال المصنف في "الفرقان": "هذا الفعلُ- أعني (اتَّخَذَ) - يتعدى إلى مفعولٍ واحد كقولك: اتخذ ولياً"، وإلى مفعولين كقولك: اتخذ فُلاناً ولياً"، فهنا إن جُعل متعدياً إلى مفعولين، وأُحلق بباب أفعال القلوب مثلاً، لاستقامة الحمل في الآية، وفي أمثال وفي قوله: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) [النساء: ١٢٥] بأن يقال: (مِنْ الأَرْضِ) صفةٌ لـ (آلِهَةً)، والخبر: (يُنشِرُونَ)، كان (هُمْ) ضمير فصل فيفيد التخصيص، وإن جُعل متعدياً إلى مفعولٍ واحد، وجُعل (مِنْ الأَرْضِ) ثاني مفعوليه، كان (هُمْ يُنشِرُونَ)


الصفحة التالية
Icon