فإن قلت: لم نهاهم عن الاستعجال مع قوله (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) وقوله (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا)] الإسراء: ١١ [، أليس هذا من تكليف ما لا يطاق؟ قلت: هذا كما ركب فيه الشهوة وأمره أن يغلبها، لأنه أعطاه القدرة التي يستطيع بها قمع الشهوة وترك العجلة. وقرئ: خلق الإنسان.
(لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩) بَلْ تَاتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) [الأنبياء: ٣٩ - ٤٠].
جواب لَوْ محذوف. و (حِينَ) مفعول به ل (يعلم)، أى: لو يعلمون الوقت الذي يستعلمون عنه بقولهم (مَتى هذَا الْوَعْدُ) وهو وقت صعب شديد تحيط بهم فيه النار من وراء وقدّام، فلا يقدرون على دفعها ومنعها من أنفسهم، ولا يجدون ناصرا ينصرهم: لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال، ولكن جهلهم به
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من وراء وقُدامُ)، صح بالرفع على معنى الغاية، كـ: بعدُ وقبلُ.
قوله: (لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال)، هذا هو جواب "لو" المقدرُ، والمراد بالكفر: ما في قوله: (وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا)، وبالاستهزاء: قوله: (أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ)؛ لأنه بيانٌ لقوله: (إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً) وفي اسم الإشارة معنى التعظيم كما في قوله:
هذا أبو الصقرِ فرداً في محاسنه
ليستقيم الاستهزاءُ، أي: هذا النبيُّ المعظمُ يذكرُ آلهتكم، أي يعبها، قال الواحدي: (إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً) ما يتخذونك إلا هُزواً، نزلت في أبي جهل مر به النبي ﷺ وقال: هذا نبيُّ بني عبد مناف. وبالاستعجال: قوله: (مَتَى هَذَا الْوَعْدُ)، وقد أشار


الصفحة التالية
Icon