فإن قلت: فإلام يرجع الضمير المؤنث في هذه القراءة؟ قلت: إلى النار أو إلى الوعد، لأنه في معنى النار وهي التي وعدوها أو على تأويل العدة أو الموعدة. أو إلى الحين، لأنه في معنى الساعة. أو إلى البغتة. وقيل في القراءة الأولى: الضمير للساعة. وقرأ الأعمش: بغتة، بفتح الغين.
(وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) تذكير بإنظاره إياهم وإمهاله، وتفسيح وقت التذكر عليهم، أى: لا يمهلون بعد طول الإمهال.
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [الأنبياء: ٤١].
سَلَّى رسول الله ﷺ عن استهزائهم به بأن له في الأنبياء عليهم السلام أسوة وأن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[البقرة: ٢٥٨] أي: دهش وتحيَّر، وقد بهته. وقال الله تعالى: (هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) [النور: ١٦] أي: كذبٌ يُبهتُ سامعه لفظاعته. ويقال: يا للبهيتة، أي: الكذب. وقال: البغتُ: مفاجأة الشيء من حيث لا يحتسب، يقال: بغتَ كذا فهو باغتٌ، قال الشاعر:
إذا بغتت أشياءُ قد كان مثلها | قديماً فلا تعتدها بغتاتِ |
قوله: (سلى رسول الله ﷺ عن استهزائهم به بأن له في الأنبياء عليهم السلام أسوةً)، إشارة إلى ما عليه أساس هذه السورة الكريمة من الكرِّ إلى ذكر النبوة وما يتصلُ بها بعد الشروع في نمطٍ من الكلام، فأتى هاهنا بقوله: (وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) لينصبَّ الكلامُ معه إلى مشرع ذكر الأنبياء عليهم السلامُ مفصلاً إلى آخر السورة تسلياً