قيل: نزلت في النضر بن الحرث، وكان جدلا يقول: الملائكة بنات الله، والقرآن أساطير الأولين، والله غير قادر على إحياء من بلى وصار ترابا. وهي عامة في كل من تعاطى الجدال فيما يجوز على الله وما لا يجوز من الصفات والأفعال، ولا يرجع إلى علم ولا يعضّ فيه بضرس قاطع، وليس فيه اتباع للبرهان ولا نزول على النصفة، فهو يخبط خبط عشواء، غير فارق بين الحق والباطل (وَيَتَّبِعُ) في ذلك خطوات كُلَّ شَيْطانٍ عات، علم من حاله وظهر وتبين أنه من جعله وليا له لم تثمر له ولايته إلا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولا يعضُّ فيه بضرسٍ قاطع)، النهاية: وفي الحديث: "ولا يعضُّ في العلم بضرسٍ قاطع"، أي: لم يُتقنه، ولم يُحكِم الأمورَ، وفي الحديث أيضاً: "كان ما نشاءُ من ضرسٍ قاطع"، أي: ماضٍ في الأمور نافذِ العزيمة، يقال: فلانٌ ضرسٌ من الأضراس، أي: داهيةٌ.
قوله: (يخبطُ خبط عشواءَ)، النهاية: أي: يخبطُ في الظلام، وهو الذي يمشي في الليل بلا مصباح فيتحير ويضل، وربما تردى في بئرٍ، أو سقط على سبُع، وهو كقولهم: يخبطُ في عمياء: إذا ركب أمراً لجهالةٍ.
قوله: (عُلِمَ من حالِه وظهر وتبينَ)، إلى آخرِه، تفسيرٌ لقوله: (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) فالضميرُ في (عَلَيْهِ): للشيطان، وكذا المنصوب في (تَوَلاَّهُ)، والمرفوعُ لمن، وإنما قال: "عُلمِ من حاله وظهر وتبين" لما أن قوله: (كُتِبَ عَلَيْهِ) وصفٌ آخر لشيطانٍ وتمثيلٌ، كأنه قيل: وجب على الشيطان ولزم عليه إضلالُ من يتولاه، ألا ترى كيف يجتهد في ذلك ويبذل وسعه فيه، ولا يترك من الحيل والنصب شيئاً إلا يفعله؟ وهذا بينٌ ظاهرٌ جليّ،


الصفحة التالية
Icon