وورود الفعل غير معدى إلى المبين: إعلام بأن أفعاله هذه يتبين بها من قدرته وعلمه ما لا يكتنهه الذكر ولا يحيط به الوصف وقرأ ابن أبى عبلة: "ليبين لكم. ويقرّ"، بالياء. وقرئ: و"نقرّ". و"نخرجكم"، بالنون والنصب. و"يقرّ"، و"يخرجكم"، و"يقرّ"، و"يخرجكم": بالنصب والرفع. وعن يعقوب: "نقرّ"، بالنون وضم القاف، من قرّ الماء إذا صبه، فالقراءة بالرفع إخبار بأنه يقرّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ أن يقرّه من ذلك إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وهو وقت الوضع آخر ستة أشهر، أو تسعة، أو سنتين، أو أربع، أو كما شاء وقدّر.
وما لم يشأ إقراره محته الأرحام أو أسقطته. والقراءة بالنصب: تعليل معطوف على تعليل. ومعناه: خلقناكم مدرجين هذا التدريج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وورودُ الفعل غير مُعدى إلى المُبيَّن)، يعني قوله: (لِنُبَيِّنَ) لم يُذكر له مفعولٌ ليعم التقدير، أو أنه يجري مجرى اللازم.
قوله: ("ونُفِرَّ"، و"نُخرجكم"، بالنون والنصب)، وهي شاذةٌ. وقرأ الجماعةُ: "نُقِرُّ" و (نُخْرِجُكُمْ)، بالنون والرفع.
قوله: (مَجَّتْه الأرحامُ)، أي: إذا كان نُطفةً، (أو أسقطته)، أي: إذا كان مُضغةً أو علقة أو غيرهما.
قوله: (تعليلٌ معطوفٌ على تعليل)، أي: لنبين ولنُقرَّ. قال الزجاجُ: (وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ) لا يجوز فيها إلا الرفع، ولايجوز أن يكون معناه: فعلنا لك لنقر في الأرحام؛ لأن الله تعالى لم يخلق الأنام ليقر في الأرحام، وإنما ليدلهم على رشدهم وصلاحهم. والمصنفُ فراراً من هذا السؤال قال: "حتى يولدوا وينشؤوا ويبلغوا حد التكاليف فأكلفهم"، فعلى هذا (لِتَبْلُغُوا) عطفٌ على (نُخْرِجُكُمْ)، وإنما أتى باللام ليؤذن بأن البلوغ هو المقصود الأولى؛ لأنه أوانُ التكليف. وعلى قراءة الرفع: (لِتَبْلُغُوا): عطفٌ على (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ).


الصفحة التالية
Icon