(عَلى حَرْفٍ) على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه. وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم، لا على سكون وطمأنينة، كالذي يكون على طرف من العسكر، فإن أحسّ بظفر وغنيمه قرّ واطمأن، وإلا فرّ وطار على وجهه.
قالوا: نزلت في أعاريب قدموا المدينة، وكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهرا سريا، وولدت امرأته غلاما سويا، وكثر ماله وماشيته قال: ما أصبت منذ دخلت في دينى هذا إلا خيرا، واطمأن. وإن كان الأمر بخلافه قال: ما أصبت إلا شرا، وانقلب.
وعن أبى سعيد الخدري أن رجلا من اليهود أسلم فأصابته مصائب، فتشاءم بالإسلام، فأتى النبي ﷺ فقال: أقلنى، فقال «إنّ الإسلام لا يقال» فنزلت.
المصاب بالمحنة بترك التسليم لقضاء الله والخروج إلى ما يسخط الله: جامع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وطار على وجهه)، أي: أسرع مستعلياً على وجهه هائماً لا يدري أين يتوجه، وهو كنايةٌ عن الهزيمة، فإن المنهزم مولي ظهره العدو، ويُقبلُ بوجهه الجهة التي يقصدها، لكن هاهنا عبارةٌ عن القلق والاضطراب لوقوعه مقابلاً لقوله: (اطْمَانَ) فعُدل للمبالغة.
قوله: (قالوا: نزلت في أعاريب)، روى البخاري عن ابن عباس، قال: " (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ) كان الرجل يقدم على المدينة، فإن ولدت امرأته غلاماً ونتجت خيله قال: هذا دينٌ صالح، وإن لم تلد امرأته، ولم تنتج خيله، قال: هذا دينٌ سوء".
قوله: (ونتجت فرسه)، الجوهري: نُتجت الناقة- على ما لم يسم فاعله- تنتج نتاجاً، وقد نتجها أهلها نتجاً، وأنتجت الفرسُ: إذا حان نتاجها. الأساس: نُتجت الناقة، وهي منتوجةٌ وأنتجت فهي منتجة: إذا وضعت، وقد نتجت: إذا حملت.
قوله: (مهراً سرياً)، أي: خطيراً كريماً.