به حين يستشفع به، ثم قال: يوم القيامة يقول هذا الكافر بدعاء وصراخ، حين يرى استضراره بالأصنام ودخوله النار بعبادتها، ولا يرى أثر الشفاعة التي ادعاها لها (لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يوم القيامة يقولهذا الكافر بدعاءٍ وصُراخ)، يوم القيامة: ظرفٌ ليقول، لا لقال، يريد أن يدعو الثاني بمعنى يقول، وأنشد الزجاج لعنترة قوله:

يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بئرٍ في لبان الأدهم
أي: يقولون: يا عنترةُ، والشطن: الحبل، والأدهم: فرسه. فقوله تعالى: (لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) مستأنفٌ مرفوعٌ بالابتداء، وخبره: (لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)، والهاء في (ضَرُّهُ) و (نَفْعِهِ): ضمير الصنم، والجملة مقول (يَدْعُوا)؛ لأنه بمعنى القول. والمعنى: يقول الكافر في القيامة حين لا يرى للشفاعة أثراً للصنم الذي حاله هذا: لبئس الناصر والشفيع هو، ولبئس المعاشر والمخالط. قال السجاوندي: اللام في (لَمَن) للابتداء، و (وَلَبِئْسَ): خبره، واللام فيه: جوابُ قسم محذوف.
وقال أبو البقاء: (يَدْعُوا) بمعنى: يقول، و (مَن): مبتدأ، و (ضَرُّهُ): مبتدأ، و (َأَقْرَبَ): خبره، والجملة صلة (مَن)، وخبرُ (مَن) محذوف تقديره: إلهٌ أو إلهي، وموضعُ الجملة نصبٌ بالقول. و (وَلَبِئْسَ): مستأنفة؛ لأنه لا يصح دخوله في الحكاية؛ لأن الكفار لا يقولون عن أصنامهم: لبس المولى.
وقال صاحب "الكشاف": قال البصريون: الوجه في الآية أن يكون في (يَدْعُوا): ضميرٌ عائدٌ إلى ذلك، أي: ذلك هو الضلالُ البعيدُ يدعوه، والجملةُ في موضع النصب على الحال، أي: ذلك هو الضلالُ البعيدُ مدعواًّ.


الصفحة التالية
Icon