[(هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ* يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ* وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ* كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ)].
الخصم: صفة وصف بها الفوج أو الفريق، فكأنه قيل: هذان فوجان أو فريقان مختصمان وقوله (هذانِ) للفظ. و (اخْتَصَمُوا) للمعنى، كقوله (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا) [محمد: ١٦] ولو قيل: "هؤلاء خصمان". أو "اختصما": جاز. يراد المؤمنون والكافرون. قال ابن عباس:
رجع إلى أهل الأديان الستة (فِي رَبِّهِمْ) أى في دينه وصفاته. وروى أن أهل الكتاب قالوا للمؤمنين: نحن أحق بالله، وأقدم منكم كتابا، ونبينا قبل نبيكم. وقال المؤمنون: نحن أحق بالله، آمنا بمحمد، وآمنا بنبيكم وبما أنزل الله من كتاب، وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم تركتموه وكفرتم به حسدا، فهذه خصومتهم في ربهم (فَالَّذِينَ كَفَرُوا) هو فصل الخصومة المعنىّ بقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الحج: ١٧] وفي رواية عن الكسائي: "خصمان"،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الخصم صفةٌ وصف بها الفوج)، الجوهري: الخصم يستوي فيه الجمع والمؤنث؛ لأنه في الأصل مصدرٌ، ومن العرب من يثنيه ويجمعه. وقال المصنف: الخصمُ: الخصماء، يقع على الجمع والواحد، فثناه على تأويل: فريقان خصمان، وقيل: الخصم: اسم جمع كالركب، فثناه على تأويل الفرقتين أو الجماعتين.
قوله: ((فَالَّذِينَ كَفَرُوا)، هو فصل الخصومة المعنيُّ بقله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))، هذا الكلام مبنيٌّ على تفسير ابن عباس رضي الله عنه: هذان خصمان رجع إلى أهل الأديان الستةن يعني: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)، فعلى هذا، في الكلام تقسيمٌ وجمعٌ وتفريق، فالتقسيمُ: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) إلى قوله: (وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)، والجمع: (إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ) إلى قوله تعالى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ)، والتفريق: قوله: (فَالَّذِينَ كَفَرُوا) إلى قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)، ورُوعي فيه معنى قوله