لأن أهل الإسلام لا ينفكون عن ذكر اسمه إذا نحروا أو ذبحوا. وفيه تنبيه على أن الغرض الأصلى فيما يتقرّب به إلى الله أن يذكر اسمه، وقد حسن الكلام تحسينا بينا: أن جمع بين قوله (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ)، وقوله: (عَلى ما رَزَقَهُمْ) ولو قيل: لينحروا في أيام معلومات بهيمة الأنعام، لم تر شيئا من ذلك الحسن والروعة.
"الأيام المعلومات":
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن أهل الإسلام لا ينفكون عن ذكر اسمه إذا نحروا)، تعليلٌ لصحة الكناية، والانتقال من اللازم إلى الملزوم، فإن الشرط فيها أن تكون الملازمة مساويةً إما في نفس الأمر أو بالادعاء والعرف، وليست الكناية في مجرد قوله تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ) بل مع قوله: (عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)؛ لأن "على" متعلقٌ بالفعل، كأنه قيل: وانحروا بهيمة الأنعام مسمين الله تعالى.
قوله: (وفيه تنبيهٌ)، أي: في العدول من النحر والذبح إلى ذكر اسم الله إدماجٌ وإشارةٌ إلى أن الغرض الأصلي في العبادات ذكرُ اسم الله.
قوله: (وقد حسن الكلام تحسيناً بيناً أن جمع)، يعني: جمع بين ذكر الرازق والمرزوق على طريقة التعليل. وذلك أن رتب ذكر اسم الله على الوصف المناسب، هو كونه رزقاً منه، ويؤيده قوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)، فإنه تصريحٌ في المقصود، ومع هذه النكتة الجليلة رُوعي فيه معنى الإجمال والتفصيل.
قوله: (الحُسْن والروعة)، الأساس: رُعُته وروعتُه، وارتعتُ منه وأصابته روعةُ الفراق، ووقع ذلك في روعي أي: في خلدي، ومن المجاز: فرسٌ رائع، يروع الرائي بجماله، وكلامٌ رائع.
قوله: (الأيام المعلومات)، المطلع: قيل لها: معلوماتٌ للحرص على علمها بحسابها؛


الصفحة التالية
Icon