[(ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ* حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) [.
(ذلِكَ) خبر مبتدإ محذوف، أى: الأمر والشأن ذلك، كما يقدّم الكاتب جملة من كتابه في بعض المعاني، ثم إذا أراد الخوض في معنى آخر قال: هذا وقد كان كذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزُّبير في المسجد، فجعلوا يرمون أهل المسجد، واشتد على ابن الزبير وأصحابه الحصارُ وجعل أهل الشام يدخلون المسجد، فيشتد عليهم ابن الزبير، فيخرجهم، فأحدقوا به من كل جانب، فضربوه بأسيافهم حتى قتلوه رحمه الله. فأمر به الحجاج فصلب، وأقام الحجاج بمكة حتى قضى الناس الحج؛ وأمر بالكعبة فنُقضت، وأعاد بناءها، وهو هذا البناء القائم اليوم، وقصة إبراهيم ستجيءُ، إن شاء الله تعالى.
قوله: (قال: هذا، وقد كان كذا)، يريدُ أن "ذلك" هاهنا نحو "هذا" في قوله تعالى: (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) [ص: ٥٥] وأنهُ من فصل الخطاب، وهاهنا لما ذكر نُبذاً من مناسك الحج وكان حديثاً في بيان التوصية في حُرمات الحج، وتعظيم شعائر الله، ناسب أن يذكر سائر المحرمات استطراداً، فقدم من أمهات الخبائث ما يستتبع سائرها من الشرك، وقول الزور، وجعل التخلص إلى ذكرهما ما كانوا يعظمونها من النسائك والقرابين تشبيهاً لها بالمعبود بالحق، فقال: (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) ثُم قصد إلى تحقير شأنها بأن جرد من الأصنام مثل الرجس، وأدخل عبادتها في جنس قول الزور، ومثل لعبادتها تمثيلاً عجيباً وتصويراً غريباً حيث قال: (فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ