أذن لهم في القتال، فحذف المأذون فيه لدلالة (يقاتلون) عليه.
(بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) أى بسبب كونهم مظلومين وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان مشركو مكة يؤذونهم أذى شديدا، وكانوا يأتون رسول الله ﷺ من بين مضروب ومشجوج يتظلمون إليه، فيقول لهم: "اصبروا فإنى لم أومر بالقتال"، حتى هاجر فأنزلت هذه الآية، وهي أول آية أذن فيها بالقتال بعد ما نهى عنه في نيف وسبعين آية. وقيل: نزلت في قوم خرجوا مهاجرين فاعترضهم مشركو مكة فأذن لهم في مقاتلتهم. والأخبار بكونه قادرا على نصرهم عدة منه بالنصر واردة على سنن كلام الجبابرة، وما مرّ من دفعه عن الذين آمنوا مؤذن بمثل هذه العدة أيضا. (أَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(أُذِنَ لِلَّذِينَ) بضم الهمزة، والباقون: بفتحها. نافعٌ وابن عامر وحفصٌ: (يُقَاتَلُونَ) بفتح التاء، والباقون: بكسرها.
قوله: (وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان مشركو مكة يؤذونهم أذى شديداً)، في هذا إشعارٌ بأن قوله: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا) وما بعدها متصلٌ بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)، والآيات الواردة في بيان شعائر الحج ومناسكه تفصيلٌ وتوضيحٌ لقوله: (الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) على سبيل الاستطراد مزيداً لتهجين فعلهم وتصوير قُبحهم؛ لأنه كلما ازداد ما صُدَّ عنه تعظيماً يزدادُ قبحُ الصدِّ والمنعُ، وبه يتقوى مذهب الشافعي وهو أن المراد بالتسوية في قوله: (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) التسوية في أعمال الحج ومناسكه.
قوله: (عدةٌ منه بالنصر، واردةٌ على سنن كلام الجبابرة)، أي: عدةٌ منه بالنصر جازمةٌ قاطعةٌ؛ لأنه من ديدنهم وأوضاع أمرهم أن يقتصروا في مواعيدهم التي يوطنون أنفسهم على إنجازها أن يقولوا: عسى ولعل، ونحوهما من الكلمات، أو يُخيلوا إخالةً أو يُظفر منهم