يَقُولُوا) في محل الجرّ على الإبدال من (حَقٍّ) أى بغير موجب سوى التوحيد الذي ينبغي أن يكون موجب الإقرار والتمكين لا موجب الإخراج والتسيير. ومثله: (هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ)] المائدة: ٥٩ [.
"دفع الله بعض الناس ببعض": إظهاره وتسليطه المسلمين منهم على الكافرين بالمجاهدة، ولولا ذلك لاستولى المشركون على أهل الملل المختلفة في أزمنتهم، وعلى متعبداتهم فهدموها، ولم يتركوا للنصارى بيعا، ولا لرهبانهم صوامع، ولا لليهود صلوات، ولا للمسلمين مساجد. أو لغلب المشركون من أمّة محمد ﷺ على
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالرمزة، فإذا عُثرَ على شيءٍ من ذلك لم يبق للطالب ما عندهم شكٌ في النجاح والفوز بالمطلوب، قاله في أول البقرة، فعلى هذا أصلُ الكلام: قاتلوا الذين ظلموكم وإني أنصركم البتة، فعدل إلى لفظ العظمة والكبرياء بقوله: (أُذِنَ) لما عُلم أن الآذن في مثل هذا الخطاب من هو؟ وقيل في جانب المظلوم: (لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ) كأنه لا يريدُ المخاطبين، يعني: لمن هذا شأنه وعادتُه، ثم قيل: (إِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) إن شاء نصرهم، وعسى أن يفعله، ولا يُعدمُ من كرمه ولطفه ذلك، وعلى هذا قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)؛ لعدم التصريح وإخراج الكلام على التعريض وإليه الإشارة بقوله: "وما مر من دفعه عن الذين آمنا يؤذن بمثل هذه العدة".
قوله: (ومثله: (هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ)، [المائدة: ٥٩] يريدُ أنه من باب قوله:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلولٌ من قراع الكتائب
قوله: (أو لغلب المشركون في أمة محمد صلى الله عليه وسلم)، عطف على قوله: "لاستولى المشركون على أهل الملل المختلفة"، فعلى الأول: المرادُ بالمشركين: العمومُ، كما أن المراد بالمسلمين في قوله: "وتسليطهُ المسلمين" للتعميم.


الصفحة التالية
Icon