وحده وهي عدّته وذخيرته فهي صلاته: وأمّا المصلى له، فغنىّ متعال عن الحاجة إليها والانتفاع بها.
[(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)].
اللغو: ما لا يعنيك من قول أو فعل، كاللعب والهزل وما توجب المروءة إلغاءه واطراحه، يعنى أنّ بهم من الجدّ ما شغلهم عن الهزل.
لما وصفهم بالخشوع في الصلاة، أتبعه الوصف بالإعراض عن اللغو، ليجمع لهم الفعل والترك الشاقين على الأنفس اللذين هما قاعدتا بناء التكليف.
[(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) ٤].
الزكاة اسم مشترك بين عين ومعنى، فالعين: القدر الذي يخرجه المزكي من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ليجمع لهم الفعل والترك)، قال القاضي: أقام الإعراض مقام الترك؛ ليدُل على بُعدهم عنه رأساً مباشرةً، وتسبباً وميلاً، فإن أًله أن يكون في عرض غير عرضه، هو أبلغ أيضاً من الذين لا يلهون لجعل الجملة اسميةً، وبناء الحكم على الضمير والتعبير عنه بالاسم، وتقديم الصلة.
قوله: (الزكاة اسم مشتركٌ بين عينٍ ومعنى)، الراغب: أصلُ الزكاة: النموُّ الحاصلُ من بركة الله تعالى، ويعتبر ذلك بالأمور الدنيوية والأخروية، يقال: زكا الزرع يزكو، إذا حصل منه نموٌّ وبركةٌ، ومنه الزكاة يخرجها الإنسان إلى الفقراء، لما فيها من رجاء البركة، أو لتزكية النفس، أي: تنميتها بالخيرات والبركات، أو لهما جميعاً، فإن الخيرين موجودان فيها، وقرن الله تعالى الزكاة بالصلاة وقال: (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) [البقرة: ١١٠] وبزكاء النفس وطهارتها يصير الإنسان بحيث يستق في الدنيا الأوصاف المحمودة، وفي الآخرة الأجر والمثوبة. وهو أن يتحرى الإنسان ما فيه تطهيره وذلك يُنسب تارةً إلى


الصفحة التالية
Icon