و (عظما فكسونا العظام)، و (عظاما فكسونا العظم). وضع الواحد مكان الجمع لزوال اللبس، لأنّ الإنسان ذو عظام كثيرة (خَلْقاً آخَرَ) أى خلقا مباينا للخلق الأوّل مباينة ما أبعدها، حيث جعله حيوانا وكان جمادا، وناطقا وكان أبكم، وسميعا وكان أصم، وبصيرا وكان أكمه، وأودع باطنه وظاهره - بل كل عضو من أعضائه وكل جزء من أجزائه - عجائب فطرة وغرائب حكمة لا تدرك بوصف الواصف ولا تبلغ بشرح الشارح: وقد احتجّ به أبو حنيفة رحمه الله فيمن غصب بيضة فأفرخت عنده قال: يضمن البيضة ولا يرد الفرخ، لأنه خلق آخر سوى البيضة (فَتَبارَكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقول الطفيل:
في حلقكم عظمٌ وقد شجينا
ومن قدم الإفراد نظر إلى اللفظ الذي هو إنسانٌ، وسلالة، ونطفة، ثم عقب بالجماعة لأنها هي الغرض، ومن عكس بادر إليها؛ إذ كانت هي المقصودة، ثم عاد فعامل المفرد بمثله.
والأول أجرى على قوانينهم، ألا ترى أنك تقول: من قام وقعدوا إخوانك، لانصرافه عن اللفظ إلى المعنى وضعف: من قاموا وقعد إخوتك؛ لأنك قد انتحيت بالجمع على المعنى، وانصرفت عن اللفظ، فمعاودة اللفظ بعد الانصراف عنه تراجعٌ وانتكاثٌ فاعرفه وابن عليه فإنه كثيرٌ جداً.
قوله: (وقد احتج به أبو نيفة فيمن غصب بيضةً فأفرخت عنده، قال: يضمن البيضة، ولا يرد الفرخ لأنه خلقٌ آخر)، قال صاحب "التقريب": وفيه نظرٌ؛ لأن تضمينه الفرخ؛ لكونه جُزءاً من المغصوب، لا لكونه عينه أو مسمى باسمه. وقال الإمام: قالوا: في الآية