اللَّهُ) فتعالى أمره في قدرته وعلمه (أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) أى: أحسن المقدّرين تقديرا، فترك ذكر المميز لدلالة (الخالقين) عليه. ونحوه: طرح المأذون فيه في قوله (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ)] الحج: ٣٩ [؛ لدلالة الصلة.
وروى عن عمر رضى الله عنه أنّ رسول الله ﷺ لما بلغ قوله (خلقا آخر)، قال:
(فتبارك الله أحسن الخالقين).
وروي أنّ عبد الله بن سعد بن أبى سرح كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنطق بذلك قبل إملائه، فقال له رسول الله ﷺ «اكتب هكذا نزلت» فقال عبد الله: إن كان محمد نبيا يوحى إليه فأنا نبىّ يوحى إلىّ، فلحق بمكة كافرا، ثم أسلم يوم الفتح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دلالةٌ على بطلان قول النظام: إن الإنسان هو الروح، لا البدن، فإنه تعالى بين أن الإنسان هو المركب من هذه الصفات. وعلى بطلان قول الفلاسفة: إن الإنسان شيءٌ لا ينقسم، وإنه ليس بجسم.
قوله: (أحسن المقدرين تقديرا)، يريد أن "الخَلْقَ" هاهنا بمعنى: التقدير، كقوله تعالى: (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) [المائدة: ١١٠]، أي: تقدر لما سبق من الأطوار المتباينة، قيل: وقوله: "تقديراً" تمييزٌ وليس بتأكيد؛ لأن أفعل التفضيل إنما ينصب النكرات على التمييز خاصة، كقولهم: هذا أكثر منه شيئاً.
قوله: (فترك ذكرُ المميز)، كأنه قيل: أحسن الخالقين خالقاً، قال في الحاشية: نظيره: قوله: "إن الله جميلٌ يحب الجمال"، المعنى: جميلٌ فعله محذوف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فانقلب مرفوعاً فاستكن.
قوله: (إن كان محمدٌ نبياً يُوحى إليه فأنا نبيٌّ يوحى إليَّ)، القياس فاسدٌ من وجهين،


الصفحة التالية
Icon