ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعالى وعقوبته، فليس شيءٌ أكره إليه مما أمامه"، الحديث. فإذا كانت محبةُ الله منوطةً به، ولقاء الله متوقفاً عليه، فهو إذن مطلوبٌ ضروري.
وروى الإمام في "تفسيره": أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لملك الموت وقد جاءه لقبض رُوحه: هل رأيت خليلاً يُميتُ خليله؟ فأوحى الله إليه: هل رأيت خليلاً يكره لقاء خليله؟ فقال: يا ملك الموت، الآن فاقبض.
الراغبُ: الموتُ: أحد الأسباب الموصلة إلى النعيم الأبدي، والكمال السرمدي، وهو وإن كان في الظاهر فناء واضمحلالاً، فهو في الحقيقة انتقالٌ من منزل أدنى إلى منزل أعلى، ولم يكرهه إلا أحد رجلين: رجلٌ لا يؤمن بالآخرة، وآخر يؤمنُ، ولكن يخاف ذنبه، وأما المؤمن الصالح فالموت ذريعةٌ له إلى السعادة الكبرى؛ لأنه بابٌ من أبواب الجنة منه يتوصلُ إليها، ولو لم يكن لم تكن الجنة، فإذن لا يكون شيءٌ أحب إليه من تمنيه، قال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ) [البقرة: ٩٤]، ولهذا مَنّ الله تعالى على عباده بقوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ) [الملك: ١ - ٢]، وقدم الموت على الحياة. وإنما مَنّ به؛ لأنه نعمةٌ؛ لأن السبب الذي يُتوصلُ به إلى النعمة نعمةٌ، وعلى ذلك قوله تعالى: (ثُمَّ أَنشَانَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ) [المؤمنون: ١٤ - ١٦] فنبه تعالى وتقدس أن هذه التغييرات حُسنٌ، ثم نقض هذه البُنية لإعادتها على وجهٍ أشرف وأحسن، وعلى هذا رُوي: "الدنيا سجنُ المؤمن