فتحت الهمزة للاستفهام الذي في معنى الإنكار. ووجهه أن يكون نحو قوله:
أفرح أن أرزأ الكرام
وحق الحسن أن يقف على ﴿الْأَوَّلِينَ﴾. ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ أي: دائماً، أو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلامهم على سبيل المبالغة توبيخاً وتقريعاً: نعم صدقتم، هو أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه دائماً، كلما إذا سمعت بمن وقع فيك. أنا ذلك الفاعل الصانع، ولست تريد إعلامه بذلك، بل نقلت كلامه للتقريع والتوبيخ. أما قول جريرٍ:

أفرح أن أرزأ الكرام وأن أورث ذوداً شصائصاً نبلا
فلفظه إخبارٌ، ومعناه الإنكار، لانطوائه تحت حكم قول من قال له: أتفرح بموت أخيك وبوراثة إبله؟ والذي لأجله طرح همزة الإنكار إرادة أن يصور قبح ما رزئ به، فكأنه قال: نعم مثلي يفرح برزيئة الكرام، وبأن يستبدل منهم ذوداً يقل طائله. وهو من التسليم الذي تحته كل الإنكار.
الشصوص: الناقة القليلة اللبن. والنبل: الصغار، والنبل الكبار، وهو من الأضداد. ويقال: النبل: جمع نبيل، ككريم وكرم. والنبلة: العطية، وبعضهم ينشد بالضم على هذا المعنى. والذوذ من الإبل: ما بين الثلاث إلى العشر، وهي مؤنثةٌ لا واحد لها من لفظها.
قوله: (وحق الحسن أن يقف على ﴿الْأَوَّلِينَ﴾، لاختلاف القائلين، أو لأن لتقدير الاستفهام فيه مجالاً، كقوله تعالى: ﴿تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: ٢٨]، و ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا﴾ [الأنفال: ٦٧]، وقال صاحب "الكواشي": على المشهور لا وقف، لأن ﴿اكْتَتَبَهَا﴾ حالٌ، أي: أساطير مكتتبةً.


الصفحة التالية
Icon