(بَلْ كَذَّبُوا) عطف على ما حكى عنهم، يقول: بل أتوا بأعجب من ذلك كله وهو تكذيبهم بالساعة. ويجوز أن يتصل بما يليه، كأنه قال: بل كذبوا بالساعة، فكيف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ﴿بَلْ كَذَّبُوا﴾: عطفٌ على ما حكى عنهم)، وهو قوله: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَاكُلُ الطَّعَامَ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾، يدل عليه قوله: ﴿ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ﴾ أي: قالوا فيك تلك الأقوال، إلى آخره، يعني: كذبوك، وأنكروا نبوتك فيما قالوا: مال هذا الرسول، وكذا وكذا، بل أتوا بما هو أبلغ من ذلك، وهو تكذيبهم إياي بإنكار مجيء الساعة. روينا عن البخاري، عن ابن عباس، عن النبي - ﷺ -، قال: "قال اله تعالى: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك"، إلى قوله: "فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان". وعلى هذا: قوله: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ﴾ إلى قوله: ﴿وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا﴾ اعتراضٌ بين المعطوف والمعطوف عليه، مؤكدٌ لمعنى مضمون الكلام، ومسلاةٌ لقلبه صلوات الله عليه، يعني: لا تحتفل بما قالوه: لأن كل ذلك اقتراحاتٌ وعنادٌ وضلالٌ وحيرة، ألا ترى كيف تمادى تكذيبهم إلى أن كذبوا ما يلزم منه تكذيبي، لأن المقصود من إتيان الآيات النبوة وقد حصل، وأن الله تعالى قادرٌ على أن يعطيك خيراً مما اقترحوه، لكن لا ينفع ذلك فيهم شيئاً، لأنهم معاندون.
قوله: (ويجوز أن يتصل بما يليه)، وهو قوله تعالى: ﴿إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ﴾ الآية، فعلى هذا يكون قوله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ﴾ وقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ﴾ الآيتين، كالجواب عن قولهم: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ﴾ إلى آخره، على سبيل التعريض التوبيخي، ويكون قوله: ﴿بَلْ كَذَّبُوا﴾ إضراباً عن قوله: ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾، يدل عليه قوله: "فكيف يلتفتون إلى هذا الجواب".
قال الإمام: أجاب الله تعالى عن شبههم بوجوه، أحدها: قوله: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ﴾، وبيانه: أن الذي يميز الرسول عن غيره هو المعجزة، وهذه الأشياء