يلتفتون إلى هذا الجواب؟ وكيف يصدقون بتعجيل مثل ما وعدك في الآخرة وهم لا يؤمنون بالآخرة؟ ! السعير: النار الشديدة الاستعار. وعن الحسن: أنه اسم من أسماء جهنم (رَأَتْهُمْ) من قولهم: دورهم تتراءى وتتناظر. ومن قوله صلى الله عليه وسلم:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكورة لا يقدح شيءٌ منها في المعجزة، كأنه قيل: انظر كيف اشتغل القوم بضرب هذه الأمثال التي فائدة فيها، لأنهم ضلوا، وأرادوا القدح في نبوتك، فلم يجدوا إلى القدح فيه سبيلاً.
وثانيها: قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ﴾، أي: من الذي ذكروه من نعم الدنيا كالكنز والجنة، وفسر الخير بقوله: ﴿جَنَّاتٍ﴾ فنبه بذلك على أنه تعالى قادراً على أن يعطي الرسول - ﷺ - كل ما ذكروه، لكنه تعالى يعطي عباده بحسب المصالح، أو على وفق المشيئة، ولا اعتراض لأحدٍ عليه.
وثالثها: قوله تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ﴾ لأنه قيل: ليس ما تعلقوا به شبهةً علمية، بل الذي حملهم على تكذيبك بالساعة، ويحتمل أن يكون المعنى: أنهم يكذبون بالساعة فلا يرجون ثواباً ولا عقاباً ولا يتحملون كلفة النظر والفكر، فلهذا لا ينتفعون بما يورد عليهم من الدلائل.
وأما قولهم المصنف: "وكيف يصدقون بتعجيل مثل ما وعدك في الآخرة؟ " فمبنى على أن ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ مختصةٌ بالآخرة، وما يكون في الدنيا لا يكون إلا مشابهةً بها حتى يستتب له أن يقول: ﴿بَلْ كَذَّبُوا﴾ إضراباً عن قوله: ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾، وفيه تعسف القول.
قوله: (﴿رَأَتْهُمْ﴾، من قولهم: دورهم تتراءى)، أي: منه في كونه استعمالاً مجازياً مثله،