وشهوة للانتقام منهم. الكرب مع الضيق، كما أن الروح مع السعة، ولذلك وصف الله الجنة بأن عرضها السماوات والأرض، وجاء في الأحاديث: أن لكل مؤمن من القصور والجنان كذا وكذا، ولقد جمع الله على أهل النار أنواع التضييق والإرهاق، حيث ألقاهم في مكان ضيق يتراصون فيه تراصا، كما روي عن ابن عباس في تفسيره: أنه يضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح، وهم مع ذلك الضيق مسلسلون مقرنون في السلاسل: قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الجوامع. وقيل: يقرن مع كل كافر شيطانه في سلسلة وفي أرجلهم الأصفاد. والثبور: الهلاك. ودعاؤه أن يقال: وا ثبوراه، أي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ق: ٣٠]، و"اشتكت النار إلى ربها"، ولو فتح باب التأويل في أحوال المعاد لجر إلى مذهب الفلاسفة خذلهم الله، ونحن متعبدون بالظاهر ما لم يمنع مانع.
قوله: (وشهوةً للانتقام منهم)، يجوز أن يكون متعلقاً بقوله: "وزفروا"، على اللف والنشر، تقديره: تغيظوا غضباً على الكفار، وزفروا شهوةً للانتقام منهم. الجوهري: الزفير: اغتراق النفس للشدة. كأن الزافر عند الانتقام يلتد ويتخلص من تلك الشهوة.
قوله: (والإرهاق)، يقال: أرهقه عسراً: كلفه إياه. يقال: لا ترهقني ولا أرهقك، أي: لا تعسرني ولا أعسرك.
قوله: (يتراصون فيه)، الجوهري: رصصت الشيء أرصه رصاً: ألصقت بعضه ببعض، وتراص القوم، أي: تلاصقوا.
قوله: (في الجوامع)، الجوهري: الجامعة: الغل، لأنها تجمع اليدين إلى العنق.
قوله: (واثبوراه)، الراغب: قوله تعالى: ﴿وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ هو أن يقول: يا لهفتاه. ويا حسرتاه! ونحو ذلك من ألفاظ التأسف، والمعنى: يحصل لهم غمومٌ كثيرةٌ.