(يَحْشُرُهُمْ)، (فَيَقُولُ) كلاهما بالنون والياء، وقرئ: (نَحشِرهم) بكسر الشين (وَما يَعْبُدُونَ) يريد: المعبودين من الملائكة والمسيح وعزير. وعن الكلبي: الأصنام ينطقها الله. ويجوز أن يكون عاما لهم جميعا. فإن قلت: كيف صحّ استعمال ما في العقلاء؟ قلت: هو موضوع على العموم للعقلاء وغيرهم، بدليل قولك - إذا رأيت شبحا من بعيد-: ما هو؟ فإذا قيل لك: إنسان، قلت حينئذ: من هو؟ ويدلك قولهم «من» لما يعقل. أو أريد به الوصف، كأنه قيل: ومعبوديهم. ألا تراك تقول إذا أردت السؤال عن صفة زيد: ما زيد؟ تعنى: أطويل أم قصير؟ أفقيه أم طبيب؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿يَحْشُرُهُمْ﴾، ﴿فَيَقُولُ﴾ كلاهما بالنون)، ﴿يَحْشُرُهُمْ﴾ بالياء: حفصٌ. والباقون: بالنون. و"نقول" بالنون: ابن عامر، وبالياء: غيره.
قوله: (وقرئ: "نحشرهم" بكسر الشين)، قال ابن جني: قرأها الأعرج، وهذا وإن كان قليلاً في الاستعمال، فإنه قويٌ في القياس، وذلك أن "يفعل" في المتعدي أقيس من "يفعل"، فضرب يضرب أقيس من: قتل يقتل، وذلك أن "يفعل" إنما بابها الأقيس أن يأتي في مضارع "فعل"، كظرف يظرف.
قوله: (ويجوز أن يكون عاماً لهم جميعاً)، يأباه جواب المعبودين، وهو قولهم: ﴿سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا﴾، لأنهم ملائكةٌ معصومون وأنبياء معصومون، كما قاله في موضعه، فلا يدخل فيه الأصنام، لكن عدل إلى "ما" إجراءً للمعبودين مجرى غير ذوي العقول تحقيراً لشأنهم لغاية قصورهم عن معنى الربوبية، وتنبيهاً على المجانسة المنافية للألوهية.
قوله: (ويدلك قولهم: "من" لما يعقل)، يعني: يفسر "من" بـ "ما"، ولا يفسر "ما" بـ "من"، فدل أن "ما" أعم من "من".