(مِنَ المُرْسَلِينَ)، ونحوه قوله عز من قائل: (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) [الصافات: ١٦٤] على معنى: وما منا أحد. وقرئ: (ويُمَشَّوْن) على البناء للمفعول، أى: تمشيهم حوائجهم أو الناس. ولو قرئ: (يُمَشُّون)، لكان أوجه لولا الرواية. وقيل: هو احتجاج على من قال: (مَالِ هذَا الرَّسُولِ يَاكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما أنطياني ولا سألتهما | إلا وإني لحاجزٌ كرمي |
وقال صاحب "المطلع": وكسره "إن" لمكان الابتداء، كما لو قيل: إلا وهم يأكلون، لا لمكان اللام، ودخلوها وخرجوها سواءٌ، كما يقال: ما قدم علينا أميرٌ إلا إنه مكرمٌ لي.
قوله: (وقرئ: "ويمشون)، قال ابن جني: "يمشون" بضم الياء، وفتح الشين المعجمة: قراءة علي رضي الله عنه وعبد الرحمن بن عبد الله، كقولك: يدعون إلى المشي، وكل حاملٍ على المشي وجاء على "فعل" لتكثير فعلهم، إذ هم عليهم السلام جماعةٌ. ولو كانت "يمشون" بضم الشين لكانت أوفق، لقوله تعالى: ﴿لَيَاكُلُونَ الطَّعَامَ﴾، إلا أن معناه: يكثرون المشي. يعني: يوافقه من حيث إسناد الفعل إليهم، وإن أريد به التكثير، ولم يرد في يأكلون، وفيه الإشعار بأن المشي في الأسواق أشد قبحاً من الأكل للتشبيه بالسوقي.
قوله: (وقيل: هو احتجاجٌ)، عطفٌ من حيث المعنى على قوله: "والمعنى: وما أرسلنا قبلك أحداً من المرسلين"، على أنه وجهٌ آخر، والظاهر أن الأول واردٌ على التسلية، يؤيده عطف قوله: "وقيل: هو تسليةٌ له" على قوله: "وهذا تصبيرٌ" تفسيراً للافتنان، فيكون التصبير متفرعاً على الوجه الثاني، والتسلية على الأول، والثاني قول الزجاج، قال: هذا